السبت، 15 نوفمبر 2014

الحرب على الجريمة

هل فكرت قليلا، في الإرهاب و ما يعنيه؟؟ و هل يمكن تصنيفه بكل بساطة كنوع من أنواع الجرائم؟؟؟ بالطبع الإرهاب عبارة عن جريمة بكل ما تحمله الكلمة من معاني...فالشخص أو العصابة الإرهابية تخطط لجريمتها، و لديها دوافعها، و هناك أدوات للجريمة، و هناك ضحايا لكل عملية إرهابية....كذلك جريمة السرقة و جريمة الإغتصاب و جريمة الإختطاف و جريمة القتل و جريمة التزوير...فهناك دائما دوافع، ثم خطة، ثم أدوات و موارد، ثم تنفيذ ضد ضحايا بعينهم.
السؤال الآن، هل استطاعت أعتى دول العالم و الأكثر تحضرا القضاء تماما على الجرائم؟؟؟ و هل نتوقع لو أعلنت أي دولة اليوم الحرب على الجريمة، أن تقضي عليها في يوم من الأيام على أرضها ؟؟؟؟
لو اتفقنا على تصنيف الإرهاب كنوع من الجرائم، فلننظر ما هي الأساليب العلمية للحد من الجريمة بصفة عامة.
أولا ماهي الأسباب الرئيسية للجريمة؟
بصفة عامة، الإنسان إذا رأى أن منفعته من الإقدام على الجريمة، أعظم من الضرر الذى يتوقعه من إقدامه عليها، أقدم عليها.
وذهب البعض إلى أن أسباب الجريمة، هي عوامل جغرافية، فترتفع نسبة الجريمة وتنخفض حسب تغير المناخ، كالحرارة والبرودة والجفاف والرطوبة والأمطار، والطقس، والضغط الجوى والعواصف والرياح..... الخ..
وذهب آخرون إلى أن السبب وراثي – أي إن المجرم يعود بسبب الوراثة إلى الانسان البدائي الأول
ويرى آخرون أن أسباب الجريمة راجعة للجنس، أي للذكورة والأنوثة، فإجرام النساء أقل من إجرام الرجال بسبب اختلاف البيئة الداخلية للمرأة عن الرجل
وذهب آخرون إلى رد أسباب الجريمة إلى العرق، أي إلى الأجناس البشرية المختلفة، فالزنوج أعلى نسبة في جرائم العنف، وكذلك الشعوب التي تسكن في حوض البحر الأبيض المتوسط
هناك آراء كثيرة جدا قد نتفق أو نختلف عليها، و لكن قناعتي الشخصية تتمثل في أن أسباب الجرائم تعود إلى أسباب نفسية، كالضعف العقلي، والأمراض العقلية والنفسية والعصبية وعدم استطاعة الإنسان التوفيق بين شهواته التى تكره القيود، والواقع الخارجي الذى فرض المجتمع فيه قيودا. قد تكون تلك القيود بسبب عوامل اجتماعية منها الاقتصادية، كالفقر الذى يعد عاملاً أساسياً فى تكوين السلوك الإجرامي ومنها تطور البناء الاجتماعي وازدياد نموه الذى يزداد بسببه نظامه تعقيداً، ينتج عنه عدم التجانس والتوافق، بسبب زيادة القيود والأنظمة، فتنطلق شهوات الأفراد ضد تلك القيود والأنظمة، ومن هنا تكون الجريمة ناشئة من عوامل اجتماعية. و قد تكون تلك القيود بسبب العوامل السياسية المختلفة التي قد تتمثل في محاولات الإقصاء و التهميش و القمع للمعارضة و غيرها.
إذن، ماهي آليات التصدي للجريمة و الحد منها؟ لأننا كما اتفقنا لن نقضي عليها ابدا....
بصفة عامة ووفقا للسبب العام للجريمة، يجب ان نجتهد في اقناع المجرم أن ضرر إقدامه على ارتكاب جريمته أعظم بكثير مما قد يكسبه جراء تنفيذها.... فلو استطعنا التخلص من الكبت الجنسي مثلا في المجتمع، و أصبحت عملية الزواج بسيطة و لا تعطلها معوقات اقتصادية أو اجتماعية لتجنبنا الكثير من جرائم الإغتصاب و التحرش.
ولو تحققت بنسبة كبيرة العدالة الإجتماعية، لتجنبنا عدم تجانس طبقات المجتمع، و لضعفت الرغبة عند المواطنين لتحطيم القيود و القوانين.
و لو قضينا على ظاهرة متوارثة لدى السلطة الحاكمة بصفة عامة في مصر، و هي الإقصاء و التهميش و القمع للمعارضة و عدم توافر أدنى حد للشفافية و المساءلة المجتمععية و لو تبنت الدولة و المجتمع سياسات صحيحة للوصول لديمقراطية تشاركية حقيقية....لتجنبنا الكثير من الجرائم السياسية التي يطلق عليه اليوم الإرهاب.
و أهم آليات التصدي للجريمة على الإطلاق تكمن بكل بساطة ووضوح في في البدء بمحاربتها داخل منظومات الأمن و العدالة و الحد منها هناك أولا، ففاقد الشيء لا يعطيه، و لا أعني هنا إعادة بناء الأفراد فقط داخل تلك المنظومات، بل و تعليمات العمل و آلياته و منظومة القوانين الفاسدة المليئة بالثغرات و المفصلة لخدمة فئات بعينها أو لقمع فئات أخرى .
الإرهاب ....جريمة....الحد منها يتطلب أكثر من مجرد المعالجات الأمنية التي تتعامل فقط مع السلوك الإجرامي و لا تجفف منابعه الفكرية و لا تتناول دوافعه بالتحليل و وضع الخطط لتصحيح المسار الفكري و إيجاد فكر بديل ، بناء و يتسع للجميع. 

الخميس، 30 أكتوبر 2014

لا تفكروا بعواطفكم

وفقا لمنهج التفكير النقدي، المنطقية العاطفية هي في الأساس مغالطة منطقية تعرف باسم نداء العاطفة. تحدث تلك الحالة عندما يقيم المستمع الحجة بصحة تصرف أو قول ما بسبب إنفعاله معه بدلا من التفكير الجيد و الموضوعي و البحث عن أدلة و حجج منطقية لتبريره. في الواقع غالبا ما يترك المستمع في تلك الحالة المنطق والأدلة تماما و يعتمد فقط على العواطف لتصبح تلك العواطف "دليلا" على الحقيقة!!
و لأننا كبشر ، مخلوقات عاطفية للغاية،لأن لدينا الكثير من العواطف، والعديد من الطرق المختلفة للشعور، هناك العديد من الطرق التي قد نستدعي فيها المنطقية العاطفية، دعونا نستعرض بعضها:
مناشدة الخوف:
 قد يلجأ أي سياسي متشدد ،قد يروق له تخويف الجماهير من العدو، كائنا من كان، لحملهم على تقبل و تأييد العمل العسكري. و لكن كون الناس يخشون شيئا لا يعني أنه يشكل بالفعل تهديدا قائما لهم..
مناشدة الاشمئزاز:
 قد يركز شخص عنصري على الممارسات الثقافية المختلفة التي قد يجدها جمهوره مثيرة للاشمئزاز لتبرير موقفه المتعصب. فقط لأن و لكن حتى لو إعتبر بعض الناس  تصرف ما  مثيرا للاشمئزاز بالنسبة لهم، فهذا لا يعني أنه من الضروري منع هذا التصرف أو إعتباره تصرف غير سليم..
مناشدة الشفقة:
عندما يوشك شخص على فقدان وظيفته بسبب سوء السلوك المزمن قد يستخدم في حواره مع صاحب العمل السابق وضع أطفاله الثلاثة و إحتمال تشردهم لو تم فصله، في محاولة للحفاظ على وظيفته. و لكن إستخدامه للشفقة كورقة ضغط ، لا يعني استحقاقه للحفاظ على وظيفته.
مناشدة الإطراء:
قد يقضي ابنك بعض الوقت في ذكر محاسنك و كيف كنت شجاعا في هذا الموقف أو غيره، و قد تتغزل ابنتك في جمال والدتها، و لكن قد يتضح أن كلام أولادكم المعسول مجرد تمهيد لطلب ما ، مثل طلب محمول جديد أو  جهاز تلفزيون حديث. تماما مثلما يجامل مرؤوس ما رئيسه قبل طرح فكرة ما عليه ؛ و لكن لمجرد أن الطفل والمرؤوس يتصرف بشكل لطيف ، فإن هذا لا يعني  صحة مواقفهم أو ضرورة طلباتهم.
مناشدة التمني:
 إستخدام العنف فقط كوسيلة لحفظ النظام في مكان ما، مثل الجامعة مثلا ، على أمل أن الدولة تريد الحفاظ على الطلبة و حقهم في الحصول على حقهم في التعليم دون التعرض لتعطيل الدراسة من قبل بعض المضللين فكريا أو المغيبين، لا يعني بالضرورة أن تلك الدولة ستتوقف عن استخدام العنف في الجامعات حتى إذا انتظمت الدراسة و انتهت الفوضى..
مناشدة السعادة في المستقبل:
قد يروج إعلام الدولة لمشاريع قومية على إعتبار أنها ستجعل الشعب أكثر سعادة في المستقبل، وبالتالي فان تمويل تلك المشروعات يصبح دافعه الأساسي بالنسبة لأي مواطن إنه سيصبح أكثر سعادة و سيفوز بإستثمار أكبر مما سيحصل عليه لو أودع مدخراته في أي بنك. فالوعد بالسعادة و الرخاء يصبح بالكاد الاعتبار الوحيد لتقييم مثل تلك المشاركة لاسيما في غياب الأسباب 
الموضوعية لها مثل التهديدات الإرهابية أو العجز في توفير الطاقة اللازمة للإستثمار و المشاريع الجديدة
.
خلاصة القول، إننا قد نقع في فخ حالات المنطقية العاطفية كثيرا، و نلغي تفكيرنا المنطقي تماما، و نبني الإستنتاجات بناءا على ما نشعر به ، بل و قد نخرج من حيز الشعور الداخلي لإفتراض مشار سلبية من الآخرين تجاهنا. فعندما يشعر شخص ما بالوحدة مثلا، قد يرجع ذلك الإحساس لنفور الجميع منه ، فهم لا يحبونه.....فهل هذا حقيقي أم لا؟؟
بالطبع لا، فقد يكون هو الذي يفتقر لمهارات التواصل و لا يجيد الإنخراط في مجتمعه المحيط و تفهم قواعده.
إذا استطعنا تجاوز فخ المنطقية العاطفية و احسننا التفكير في المستقبل و كيفية التعامل مع الواقع بشكل أكثر موضوعية و عقلانية ، حتما سنصل لما كان كل من ضحى من أجل هذا الوطن يحلم به. 

بقلم : سعيد عز الدين في 30/10/2014

الخميس، 20 مارس 2014

دائرة العنف

لن نستطيع كسر دائرة العنف إلا إذا فهمناها و تعرفنا على مكوناتها، و لن يستطيع كسرها إلا من يمتلك القدر الأكبر من الشجاعة.
تبدأ تلك الدائرة بمرحلة تنامي الشعور السيء تجاه المجتمع، و يمكن ان يرجع ذلك لأسباب عديدة...إما صراع طبقي أو سياسي أو مشاكل اقتصادية، أو مشاكل تعرض لها المعتدي في صغره أو شبابه، أو فقدان القدرة و بالتالي الرغبة في تحقيق الذات بشكل سوي. 
الخطوة الثانية في دائرة العنف، هي ترجمة الشعور السيء، لسلوك انتقامي، او استعراضي في محاولة لإشباع نقص ما أو للإنتقام من الآخرين. 
و تأتي المرحلة الثالثة، مرحلة التبرير، و التي يتفنن فيها المعتدي لتبرير سلوكه العدواني، و يلقي باللوم على كل من حوله في هذا الموقف و ينكر أي خطأ وقع  هو فيه، و في الأغلب و الأعم أنه يجد أيضا من يبررله أفعاله استنادا لقضية أخرى منفصلة نوعا ما، فيما يعد حالة من حالات تحويل الصراع.
و إذا نجحت عملية التبرير، سيقودنا هذا للمرحلة الرابعة و الأخيرة في دائرة العنف، و هي مرحلة تجاهل كل ما حدث و محاولة التصرف بشكل طبيعي، من الطرفين، الضحايا و المعتدين... و هذه المرحلة هي أخطر مرحلة، و هي التي تمهد الطريق لتجدد الإنتهاك مرة بعد مرة، و كلما تكررت تلك الدائرة، كلما احتاج الأمر لتدخل طرف ثالث للمساعدة في كسرها ووضع حد للإنتهاكات.
دائرة العنف يمكنها أن تغطي فترة طويلة أو قصيرة من الزمن. في كثير من الأحيان، كلما استمرتكرار هذا النمط، تزداد حدة العنف و كلما أصبحت الاعتداءات أيضا أكثر خطورة.
في كثير من الأحيان، يصبح الضحايا محاصرين في دورة من العزلة عن الأسرة والأصدقاء. الضحية قد تشعر بالخجل من المجتمع ككل،و قد يستطيع المعتدي أيضا الحد من تواصل الضحية مع العائلة والأصدقاء بشكل أو بآخر. بهذه الطريقة، تدور حياة الضحايا في فلك المعتدين فقط!! ، و يقل بشكل تدريجي من حولهم عدد الأشخاص القادرين على المساعدة.
و لكن ماهي طباع المعتدين؟؟ لابد لنا أيضا من فهم ذلك، إذا أردنا وضع حد لممارساتهم:
-          ربما يكون المعتدي قد شهد سوء معاملة أو ربما تعرض للاعتداء عندما كان طفلا
-          غيور و لديه رغبة شديدة في تملك كل ما يحيط به - غالبا ما يتصور المشاكل لدى الآخرين فقط ، و يكره عادة العلاقات المترابطة بين المجموعات و الأفراد في المجتمع.
-          سيء المزاج – يشتعل غضبا أمام أي مشكلة صغيرة، و تصرفاته ليست محسوبة
-          يقلل من خطورة سوء المعاملة أو قد ينكر ذلك تماما
-          يحاول الظهور بشخصية ساحرة و مبهرة أمام المجتمع ، بينما ينتهك الضحايا في الخفاء، أو ينكر أفعاله
-          لديه أفكار جامدة لأدوار الرجال والنساء
-          يحاول عزلك عن من يحيطون بك - يثبط همتكم دائما إذا ما اردتم التشبيك مع مجموعات أخرى أو أفراد آخرين في أي عمل مشترك، بل و يحاول التشكيك في نواياهم. كما يحاول أن يثنيك دائما عن أي فرصة لتعلم أي شيء جديد.
-          يحاول السيطرة عليك - يخبرك ما ينبغي عمله و بالتالي يوجه فكرك في مسارات محددة، هو الذي حددها
-          عادة بعد أي إعتداء جسيم، يعتذر المعتدي، و يظن أن رصيده لديك يسمح، و يتعجب جدا إن لم تسامحه فور إعتذاره !
و الآن، فلتسأل نفسك، هل المعتدي على استعداد لتغيير؟ 
اسأل نفسك ... 
هل اعترف المعتدي بإنتهاكاته من دون إلقاء اللوم على أي طرف آخر؟ 
هل يدرك المعتدي أثر سلوكه السيء الذي قد يمتد لما هو أبعد من إلقاء القبض عليه أو سجنه؟ 
هل تفهم المعتدي مدى الضرر الذي وقع على الضحايا وكيف تأثر المجتمع ككل بنتيجة أفعاله؟ 
هل يستمع المعتدي للنصح أم إنه يستمر في الإنفعال كلما نصحه أحد و يزداد غضبا؟
هل يستمر المعتدي في إلقاء اللوم على الضحايا على أفعاله تجاههم؟ 
خلاصة القول، أن تعديل سلوك المعتدي يبدأ منه شخصيا، و حينها فقط، ستجد إجابات بناءة لديه على الأسئلة السابقة، و سيستعيد المجتمع الثقة به. 
ما أود أن أختم به هذا المقال، هو لفت نظر حضراتكم إننا ما زلنا نعيش تحت سيطرة عقليات القطعان. فأفراد القطيع، لا يغامرون بقرارات أو أفكار فردية، تخرج عن الفكر الجمعي لقطيعهم...و لدينا أمثلة كثيرة على القطعان في المجتمع المصري، فهناك قطعان النزول للشارع تحت أي مسمى، و هناك قطعان مواجهة من ينزلون للشارع و لا أعني الأجهزة الأمنية فقط، فهم في النهاية جزء من المجتمع و يعانون من نفس أمراضه، و أخيرا هناك قطعان تتحرش ببناتنا!!! أناشدكم في النهاية، أن تخرجوا من قيود عقلية القطيع، و لنسلك سلوك الأنبياء و الصالحين، و نحاول أن نبعد قليلا خارج دائرة الأحداث كما كانوا هم يتسلقون الجبال، طلبا لصفاء الذهن و وضوح البصيرة، ليتمكنوا في النهاية من الوصول للحقيقة الخالصة...و التي من خلالها فقط، تبنى الأمم و الحضارات.

بقلم: سعيد عز الدين  في 20/3/2014

الأحد، 9 مارس 2014

جابلنا فرج

بعد نضال مستمر في الشهر العقاري فرع محرم بك بالإسكندرية، دام لما يزيد عن أسبوع، نجحنا و الحمد لله أنا و زوجتي العزيزة في انتزاع حقنا في إثبات تاريخ عقد إيجار!!!
بدأت قصة كفاحنا في الأول من شهر مارس عام 2014، عندما صمدنا في طابور إثبات التاريخ لما يقرب من ثلاث ساعات متواصلة ، على أمل حضور الموظفة المسئولة.....لكن هيهات، فقد خرج علينا كبير الموظفين يومها ببساطة ليخبرنا أنها قاربت على سن التقاعد و تستهلك ما تبقى لها من رصيد إجازات... و لا بديل عنها!!
و تشاجر بعدها بعض المواطنون مع مدير المكتب الذي لم يوفر بديلا، و طلب منا التوجه للمكتب الرئيسي بالمنشية للشكوى إن أردنا ذلك....
و لا استطيع تجاهل كلمات الحاج عادل – كبير الموظفين- يومها و هو يصيح في وجهي عند سؤالي عن بديل لتلك الموظفة:
 " امال احنا كنا عاملين اضراب ليه يا أستاذ؟؟؟ مش علشان الفلوس، علشان معندناش موظفين....فالحين بس يمسكوا الميكروفونات و يقولوا حرية و ديمقراطية و ثورة معر(ض)ة.....أنا ليه أعمل خمسين حاجة في اليوم، و أنا متعود أعمل عشر حاجات بس، و بعدين انت كمان حتمشي أسرع !!!"
و هكذا ، انصرفنا في هذا التاريخ، دون إثبات التاريخ!!!
طوال الأسبوع التالي، ظل شباك إثبات التاريخ خالي، و وحيد، كأنه يودع تلك الموظفة العظيمة التي لم تفارقه لسنوات طويلة، إلا في الأعياد أو الإجازات أو للإنتقال لزميلة أخرى لتذوق ما أعدته من سندوتشات لذيذة أو لمشاركتها في حديث ودي مع الشاي.... أو طبعا للذهاب للحمام.
عند عودتنا في يوم السبت الموافق 8 مارس 2014، كانت دهشتنا عظيمة، فالموظفة لم تحضر كالعادة، و المدير ايضا لم يحضر، و ظل المواطنون خارج مكتب الشهر العقاري لما بعد التاسعة صباحا، لكنهم حرصوا و بوعي جمعي على إعداد قوائم بأسماء طالبي الخدمات المختلفة من مكتب الشهر العقاري، بشكل حضاري و منظم، لتقديمها لموظف الشباك مع بداية العمل في المكتب.
دخلنا أخيرا، و ذهب كل منا للشباك الذي يأمل أن يحصل على الخدمة من خلاله، في شوق و لهفة، و خاصة من يرغبون في خدمة إثبات التاريخ....و كالعادة لم نجد الموظفة و طال انتظارنا لها، ليبدأ الحاج عادل في التحجج بنفس الحجج...كما حرص على اخبارنا أنه لن يعمل اليوم بعد أن جاء مجبرا من إجازته!! و كأننا سبب كل الكوارث في المكتب.
حاولت مناقشته بالمنطق، موضحا أن مكاتب الشهر العقاري بها تكدس منذ فترة طويلة و فرصة خروج بعض الموظفين على المعاش، ستتيح للباقي زيادات في المرتبات على أن يقوموا بعمل أكثر قليلا.....لكنه رفض كالعادة الفكرة، و تمسك بما وجد عليه الآباء و الأجداد من عمل، دون أدنى رغبة في تغيير أسلوب عمله و طبيعته، لتحسين وضعه.
و عندما فاض بي الكيل، صحت في الجميع لدعوتهم للذهاب معي لقسم شرطة محرم بك، لعمل محاضر بامتناع الموظفين عن العمل، و استجاب البعض، و ذهبنا للقسم بالفعل....
و هناك وجدنا المأمور، جالسا خارج القسم  يقرأ الجريدة، تحت الشمس الظريفة و خلف أجولة الرمال المحيطة بالمبنى، و التي كونت فناء خارجي صحي و هاديء، خاصة أن السيارات ممنوعة من المرور أمام القسم.
توجهت إليه فورا بالحديث، موضحا أننا أتينا للإبلاغ عن إضراب جزئي في مكتب شهر عقاري محرم بك.
أمسك بهاتفه المحمول، و طلب الأستاذ فرج، مدير المكتب شخصيا، و الذي إعتذر له عن عدم وجوده بالمكتب موضحا أن الأستاذ ممدوح ينوب عنه، و نفى امتناع الموظفين عن العمل. فطلب منه المأمور إبلاغ الأستاذ ممدوح بأن هناك من سيأتون إليه مجددا، ليتم لهم ما يريدون من خدمات....
إنتهت المكالمة، و طلبت من المأمور إثبات واقعة الإضراب الجزئي، لكنه امتنع و رفض ما نقوله....فقد اتى لنا بفرج على الهاتف، و الذي نفى ذلك تماما، و لم يكتفي بذلك بل صاح في وجهي قائلا:" مش كفاية بتكلم على حسابي علشان اخلص الموضوع؟؟؟ و بعدين إثبات حالة ايه؟؟ عايز تعمل محضر اتفضل !!!"
و بناءا على طلب من كانوا معي من جمهور المواطنين، عدنا لمكتب الشهر العقاري للسؤال عن أستاذ ممدوح....لكنه أنكر نفسه !! و زعم أن "أستاذ ممدوح إجازة!"....لكن المفاجأة اننا وجدنا أستاذ عادل يعمل بهمة و نشاط، و وجدنا موظفة إثبات التاريخ خلف شباكها العزيز، تعمل و هي تتمتم بعبارات ساخطة و غير مفهومة...ووجدنا وجوه المواطنين العابسة تحولت للإبتسام و هم يتغامزون فيما بينهم:
" هما كده، لازم يشتغلوا بالكرباج!!!"
و برغم سعادتي بالورقة المختومة و التي حصلنا عليها في النهاية بعد كفاح لما يزيد عن أسبوع، إلا إني حزنت جدا لما يحدث في مجتمعنا، فكرباج المجتمعات المحترمة هو القانون و القانون فقط، و ليس أبدا تليفون المأمور لفرج لكي يتحايل على إثبات فساد مؤسسي نظرا للعلاقة الشخصية بينهما...
بقلم: سعيد عز الدين   في 9/3/2014
  

الثلاثاء، 25 فبراير 2014

للإستقرار طريق واحد

المؤسسات العامة و على رأسها الشرطة و القضاء ، غالبا ما تكون أدوات القمع والانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان. عندما نريد أن يحدث  في بلدنا تحول إلى حكومة ديمقراطية ، فإصلاح هذه المؤسسات هو أمر حيوي.
الإصلاح المؤسسي هو عملية مراجعة و إعادة هيكلة لمؤسسات الدولة بحيث تحترم حقوق الإنسان ، وتحافظ على سيادة القانون.
الإصلاح المؤسسي يشمل العديد من التدابير مثل
:
الفحص : فحص التاريخ المهني للأفراد خلال إعادة الهيكلة و استبعاد من تثبت عليه تحفظات مهنية أو معاقبة المسؤولين الفاسدين و انهاء خدمتهم .
الإصلاح الهيكلي : إعادة هيكلة المؤسسات لتعزيز النزاهة والشرعية ، من خلال توفير المساءلة ، وبناء الاستقلال ، وضمان التمثيل ، وزيادة القدرة على الاستجابة.
الرقابة : خلق هيئات الرقابة مرئية علنا في مؤسسات الدولة لضمان المساءلة من خلال حكم مدني .
تحويل الأطر القانونية : إصلاح أو خلق أطر قانونية جديدة ، مثل اعتماد التعديلات الدستورية أو المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان لضمان حماية وتعزيز حقوق الإنسان.
التعليم : توفير برامج تدريبية للموظفين العموميين والعاملين في مجال حقوق الإنسان الواجبة التطبيق وفقا لمعايير القانون الإنساني الدولي و المتناسب مع العرف المجتمعي.
و إن كان الإصلاح المؤسسي كإجراء يهدف إلى الاعتراف بالضحايا كمواطنين و أصحاب الحقوق ، وبناء الثقة بين جميع المواطنين والمؤسسات العامة، فيبقى هدفه الأساسي التخلص من انتهاكات الماضي و ضمان عدم تكرارها. بالطبع يساعد على تحقيق ذلك تعزيز حرية الإعلام ، وحملات التوعية حول حقوق المواطن ، و تدابير الإصلاح اللفظية أو الرمزية مثل النصب التذكارية أو الاعتذارات العامة..
و لم و لن نجد حلا لما نحن فيه من تخبط عن طريق المزيد و المزيد من رحلات المواطنين المكوكية للجان الإقتراع، طالما تتعمد السلطة دائما تجاهل المضي قدما في عملية الإصلاح المؤسسي، و تكتفي فقط بتغيير وزير أو رئيس وزراء، أو حتى رئيس الجمهورية....
 فالإستقرار ليس له إلا طريق واحد، يبدأ باصلاح مؤسسات الدولة إصلاحا جادا و حقيقيا .

بقلم: سعيد عز الدين في 25/2/2014

الخميس، 20 فبراير 2014

النحانيح و النخانيخ

هالني ما أصاب المجتمع من أمراض نفسية، وصلت لدرجة لوم البشر على نعمة الإحساس!!!
فقد خرج علينا بعض من يخافون تغيير الحاضر لمستقبل مشرق، بل و يخافون من أي تضحية أو معاناة في سبيل ذلك، و بناءا على هذا الخوف، تجدهم يخرجون علينا بمصطلحات جديدة مثل "حكوكيين" بدلا من "حقوقيين" و لفظ "نحنوح" و هو الذي يعني من يتعاطف مع أي مظلوم و يهب نصرة له ويتأثر لمعاناته.
الغريب في أمر هؤلاء انهم لا يطلقون في ذات الوقت لفظ "نخنوخ" مثلا على كل من ينتهك حرمات المصريين حتى و إن كان موظف رسمي في الدولة ، في أجهزتها الحكومية أو الأمنية!!
هل تفضلون النخانيخ عن النحانيح؟؟؟؟ 
و هل كان لصحابي جليل مثل سيدنا عمر، و المعروف عنه شدته في الجاهلية و في الإسلام، أن يطلق على أبي بكر هذا اللفظ الساخر لمجرد كونه رجلا أسيفا ( لفظ عربي يعرف الآن في مصر بنحنوح)؟؟ 
بالقطع لا...ليس لكون هذا لون من التنابز بالألقاب فقط، بل لأن رقة القلب و دموع التأثر بالمواقف الحياتية  المختلفة، مراعاة لله فيمن حولنا ،نعمة من الله و ليست نقمة!! بل إن المرء ليثاب عليها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله تعالى ، ورجل قلبه معلق في المساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه ، وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إني أخاف الله تعالى ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه (متفق عليه)
تعالوا نعلم المزيد عن هذا الرجل الأسيف، الذي تولى الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم.
 لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يوذنه بالصلاة فقال مروا أبا بكر أن يصلي بالناس فقلت يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى ما يقم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر فقال مروا أبا بكر يصلي بالناس فقلت لحفصة قولي له إنأبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر قال إنكن لأنتن صواحب يوسف مروا أبا بكرأن يصلي بالناس فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة فقام يهادى بين رجلين ورجلاه يخطان في الأرض حتى دخل المسجد فلما سمع أبو بكر حسه ذهب أبو بكر يتأخر فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر فكان أبو بكر يصلي قائما وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدا يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس مقتدون بصلاةأبي بكر رضي الله عنه ،الرجل الأسيف الذي ارتفعت رايات فتحه فوق الدنيا.
ويتولى الخلافة الرجل الأسيف أبو بكر الصديق- رضي الله عنه -وبعض من قبائل العرب قد رتدت عن دينها ،ورفضت تأدية فريضة الزكاة وامتنع بعضها عن دفع الجزية .. ومعسكر الروم والفرس يتهيأ الفرص للقضاء على رسالة النبي الأميّ.
الرجل الأسيف يرسل إنذارا لكسرى , إلى من أراد أن يدمر دولة الإسلام , ودولة العز والشموخ والإباء ويقول له " يا كسرى كيف تتكبر على الله وأنت الذي نزلت من مجرى البول مرتين مرّة من صلب أبيك ،ومّرة من رحم أمك وكلا هما من مجرى البول..يا كسرى أسلم وإلا فقد جئتك بقوم يحرصون على الموت كما تحرصون أنتم على الحياة "...
الرجل الأسيف العادل الزاهد خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي ارتفعت رايات فتحه فوق الدنيا , لتنشر دين الحق والعدل, والإحسان فوق الأنام .. ينظر من وراء الأفق إلى المعسكرين الشرقي والغربي – الفرس والروم – وقد حشدت جيوشها الآلاف المؤلفة لتقضي على كلمة التوحيد ، ودولة الإسلام فيرسل بخالد بن الوليد سيف الله المسلول ليضرب به كسرى، ويحطم طغيانه وهو يقول:
"عجزت النساء أن يلدن مثل خالد ، والله لأشفين وساوسهم بخالد بن الوليد"
الرجل الأسيف كان أبرز نواحي عظمته الإيمان والحزم، والتضحية بنفسه، وماله في سبيل الدعوة إلى الله ورسوله ،وإخلاص النية والورع الصادق ، وكان يقول:" لا خير في قول لا يراد به وجه الله تعالى , ولا خير في مال لا ينفق في سبيل الله عز وجل ،ولا خير فيمن يغلب جهله بحلمه ، ولا خير فيمن يخاف في الله لومة لائم"
الرجل الأسيف المؤسس الثاني لدولة الإسلام من بعد الحبيب المصطفى ،سهر على مصالح المسلمين، وزهد في دنياهم، وأشفق على ضعفائهم ،حتى إنه لما وليّ الخلافة قالت بنات الحي :
الآن يحلب لنا أبو بكر أغنامنا !!!!. فبلغ ذلك أبا بكر فقال :
"بلى والله لأحلبن لكُنّ كما كنت أصنع من قبل ، وأرجو ألا يغيرني الله عن خلق كنت أعتاده قبل الخلافة"
الرجل الأسيف قام بعبء الخلافة على خير ما يقوم به رجل في تاريخ الإسلام والمسلمين ، وأنعم الله عليه بالفتوحات العظيمة ، وتحرير الشعوب من الطغاة ، وقد آتاه الله شجاعة وحزم أولو العزم من الرسل والأنبياء...وكان يقول لرعيته :
"أيها الناس ! إن كثر أعداؤكم وقلّ عددكم , ركب الشيطان منكم هذا المركب ؟ والله ليظهرن هذا الدين على الأديان كلها ، ولو كره المشركون ، قوله الحق ووعده الصدق"
(( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون))
الرجل الأسيف وقف خطيبا يوم وليّ الخلافة ليقول :"إني قد وليت عليكم ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ،وإن أسأت فقوموني ، الصدق أمانة ،والكذب خيانة ،والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له الحق ،والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق ، لا يدع القوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل ،ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء ،أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".أين نحن الآن من الرجل الأسيف!!؟؟
اللهم اجعلنا من النحانيح و قنا شر كل النخانيخ.....

بقلم : سعيد عز الدين   في 20/2/2014

الأحد، 16 فبراير 2014

صلاح الأحوال ولا ألف شوال

عزيزي الموظف المدني في جهاز الأمن المصري، و أخاطب هنا الشرفاء فقط ، يا من كنت تلبس بدلتك العسكرية للارهاب و لردع كل مخطيء.....لقد كانت كافية فيما مضى، فماذا حدث؟؟؟
إذا شاهدتم أفلامنا القديمة، ستجدون عسكري الدرك، يتحرك بحرية تامة و بعزة و فخر، و يهابه الجميع، ليس لأنه يحمل سلاحا، لكن لأنه يمثل القانون و يسهر على حمايته. لقد كان يكفيه في حالة الريبة أن ينادي "مين هناك؟" ليمنع وقوع الجرائم، لكننا اليوم نستيقظ على أخبار هجوم عتاة الإجرام على نقاط أمنية !! فأصبح المجرمون هم من يبادرون بالهجوم على رجال الأمن في استهانة واضحة بهم و بجهازهم الأمني،وأصبحنا لا نستبعد اي تفجير لأي منشأة أمنية هنا أو هناك، بل و أصبح المجرمون يتفننون في العبوات الناسفة ، فتارة تقتل و تصيب، و تارة أخرى ينتج عنها صوت فقط، لتذكير الجهاز الأمني بأنه هدف سهل المنال لأيديهم الملوثة بالدماء.
ما الفرق بين مشاهد أفلام اسماعيل يس، و ما بين واقعنا اليوم؟
الأمر ببساطة يكمن في العقيدة الشرطية، و المرتبطة بشكل مباشر بانحدار المستوى السلوكي للمجتمع ككل، نتيجة لإهمال دام ثلاثين عاما. لقد اهمل نظام مبارك الانسان المصري ككل، صحيا و علميا و ثقافيا، و هذه هي أكبر و أخطر جرائمه و التي لم يحاسب عليها إلى الآن، لأنها غير منصوص عليها في القانون المصري!! و كأن القانون هو المحدد لحياتنا، و ليست حياتنا كما نريد هي من تشرع القوانين.
لقد اختلفت مناهج اكاديمية الشرطة، و اختلفت عقيدة من يدرس هناك مع الوقت، لتصبح قدراته مكرسة لخدمة الأنظمة، و ليس ابدا لخدمة القيم و المباديء المجتمعية التي تصنع من خلالها القوانين، و تعكس رغبات الشعوب. فصار من الطبيعي ان يرفض أغلب رجال الشرطة، إلا من رحم ربي، اي رقابة على عملهم، من اي نوع، سواءا كانت رقابة مدنية أو قضائية داخل المنشآت الشرطية و اثناء عملهم. و صارت العصبية للجهاز و ربطه دائما بهيبة الدولة، مانع قوي لأي محاولة للاصلاح من الداخل، فاستمرت الانتهاكات، و استمر التعذيب داخل الأقسام،على مرأى و مسمع من ظباط و أفراد شرفاء ، لكن دون تدخل منهم من باب عدم الاضرار بسمعة الوزارة التي يعملون من خلالها، لأنهم تعلموا ان سمعتها هي سمعتهم الشخصية!!!
الدفاع عن الأباطيل و اخطاء الزملاء ، من باب حماية سمعتك، عزيزي الظابط الشريف، هو في الواقع الذي يعرض سمعتك للخطر و لن يوفر لك أي نوع من الحماية مثله مثل اجولة الرمال أمام قسم الشرطة أو المديرية أو نقطة الأمن التي تعمل بها.....فقد علم المجرمون تمام العلم ، انك لن تأخذها معك في سيارتك، و لن تظل ليلا و نهارا بالقميص الواقي، و اصبحوا يتحينون الفرص للانقضاض عليك في اي لحظة، لأنك اصابك الهوان و الضعف، حتى و ان كنت مسلحا.
لم احب ان اشير لعدم حمل الشرطة الانجليزية لأي نوع من الأسلحة، حتى لا اتهم بالعمالة او بكوني عميل أو صاحب أجندة، لكنني فضلت مقارنة ماضينا بحاضرنا.
عودوا بنا لشعور المواطن فيما مضى، عندما كان يحترمكم و لا يخافكم، و عندما كنتم تحمونه و لو كان متهما ولا تحتقرونه.....فصلاح الأحوال في مكان عملكم يحميكم افضل من ألف شوال  من الرمال حوله.

بقلم: سعيد عز الدين     في 16-2-2014

الاثنين، 10 فبراير 2014

حلم ولا علم

من حقنا جميعا ان نحلم بعالم أفضل، و لكن لابد ان ندرك ان هناك فارق كبير بين التركيز في الحلم فقط بهذا العالم، و بين العمل على الوصول لهذا الحلم.
الحلم في حد ذاته ممتع، و يعطينا شعور رائع بالنشوة كلما استغرقنا فيه....لكنه يتبدد بمجرد سماعنا لأي ضوضاء حولنا، تكفي لجعلنا نفتح اعيننا من جديد على الواقع الذي نعيشه.
إذن، ما العمل؟ هل سنظل في حالة من الترنح ما بين النوم و اليقظة؟ أو ما بين الحلم و العلم؟ للأسف لن نستطيع تغيير الواقع بالأحلام فقط و بالمطالبات فقط، و كلما تفرعت و تعددت المطالب ، ما بين الأمنية و الإقتصادية و السياسية، و غيرها، كلما حلقنا اكثر مع أحلامنا و ابتعدنا عن أرض واقعنا، و كلما سقطنا من ارتفاع أعلى عندما نستيقظ، لتتكسر عظامنا من الصدمة في النهاية على صخور الواقع.
كل منا يحلم بوطن عظيم، في خياله، يختلف بالتأكيد عن الوطن المرسوم في عقل زميل كفاحه الذي لطالما ضمد له الجراح في المواجهات المختلفة التي خاضوها معا...و لعلاج هذا الإنفصال الخفي ما بين الأشقاء في أحلامهم، علينا تقسيم حلم كل منا بالوطن السعيد ، لأحلام أصغر و أصغر ، ثم نجمع ما يتماثل من فتات الأحلام عند كل منا، و نحدد اولويات العمل بناءا على ذلك التجميع...و هكذا نستطيع تقسيم الهدف الكبير لأهداف أصغر يمكن تحقيقها خطوة خطوة ، و بعد كل مرحلة نقترب أكثر فأكثر من تحقيق هدفنا الرئيسي.
لقد كان أهم هدف لنا في بداية الحراك الشعبي المصري، منع التوريث و الإصلاح الأمني... و بطبيعة الحال تحقق فقط نصفه و تبقى الجهاز الأمني بلا علاج يذكر!! لماذا؟؟؟
السبب ببساطة أننا انشغلنا بالحلم الكبير عن الأحلام الصغيرة، و راكمنا على حلم اصلاح الجهاز الأمني ، أحلام أخرى مثل الممارسة السياسية الديمقراطية و الحريات الكاملة و الحلم بالعدالة الإجتماعية الغير منقوصة و الحلم بقضاء مستقل و نزيه و الحلم بنخبة متعلمة و مثقفة و غير مغرضة.... راكمنا الأحلام و لم نقسمها مرحليا لتحقيقها بشكل علمي و عملي.
علينا  اتباع خمسة خطوات ، للعودة للمسار السليم :
1-    في البداية  علينا اعادة تحديد الهدف و الاتفاق عليه بشكل حقيقي
2-    علينا تذكير أنفسنا دائما بالأسباب التي ادت إلى اتفاقنا على هذا الهدف، و كتابتها في كل مكان.
3-    علينا تقسيم هذا الهدف، إلى أهداف أصغر يسهل تحقيقها على خطوات يمكن تحقيق كل منها في زمن محدد. و حتى نتصور ما اقصده هنا، فالإنسان منا ، لا يستطيع التهام ثور في قضمه واحده، لكنه قد يأكله كاملا في شكل لقيمات صغيرة و على فترة زمنية ممتدة.
4-    نبدأ بأولى الخطوات و نحقق أول هدف صغير ، و عندها سنجد من الطاقة ما يكفي لدفعنا لمواصلة العمل و النظر للهدف الصغير التالي.
5-    هل اخفقنا في احدى الخطوات؟ لا يهم، فلنبدأ من جديد تلك الخطوة، فهي في النهاية خطوة على الطريق، و ليست الطريق بأكمله.
أيها الرفاق في وطننا السقيم ، هل سنستطيع علاج وطننا و السهر على راحته؟؟ بالتأكيد يمكننا ذلك فقط، عندما نتفق في البداية على اسم المستشفى الذي سنودعه بها ....هل لديكم اقتراحات؟ ام سيظل كل منا يشكر فقط في طبيبه الخاص؟
 بقلم: سعيد عز الدين   في 10/2/2014

الخميس، 30 يناير 2014

الخطوات السبع للتخلص من السبع

فكرة ابو السباع المسيطرة على مجتمعاتنا الشرقية، لن تولد غير ديكتاتوريات، فكيف يتسنى لنا التخلص من هذه الفكرة المتوارثة؟ و كيف نستطيع تدريجيا الخروج من حالة الاستسهال و التواكل إلى حالة الأخذ بالأسباب و التوكل على الله بشكل حقيقي للوصول لوطن أفضل؟ لفتت نظري سبعة خطوات نص عليها مقال في مجلة الأعمال الأمريكية فوربس، توضح كيف يتسنى للتاجر ارضاء العملاء....هاهو ملخصها :


1- التزام الهدوء. عندما يبدأ العملاء في الصراخ يتصرفون معك بشكل فظ، ليس هناك ما يمكن كسبه من الاستجابة بطريقة مماثلة. في الواقع، فإن ذلك على الأرجح تصعيد للسلوك العدواني المتبادل. يجب عليك السيطرة على نفسك، حتى لو خطبة العميل العصماء تجعلك تشعر برغبة شديدة في الصراخ في وجهة.


2- لا تعتبر الأمر شخصيا. لكن تذكر دائما، أن أساس غضب العميل ليس من شخصك أنت، لكنه في واقع الأمر منزعج تماما من نوعية الخدمة التي تقدمها له. ضع مشاعرك الشخصية جانبا.


3- استخدام أفضل مهارات الاستماع لديك. أول شيء يريده العملاء الغاضبون هو التنفيس. للقيام بذلك، فإنهم بحاجة إلى من يستمع ، كنت ذلك الشخص و تحمل ما يقال بصدر رحب،فالاستماع بصبر قد ينزع فتيل الأزمة، لاسيما لو ابديت تفهمك لوجهة نظر هذا العميل.وعندما ينهي العميل الحديث، لخص شكواه ولا تتردد في طرح أي سؤال عليه لزيادة توضيح شكواه، فهذا النوع من التفاعل يبني جسور ثقة قد تهدمت . لغة الجسد يمكن أن تكون ذات أهمية حاسمة. حافظ على الاتصال بالعين و الوقوف أو الجلوس بشكل مستقيم امامه لتظهر له تمام الالتفات الى مشكلته و الإهتمام البالغ بها.


4- اظهر تعاطفك مع العميل بشكل حقيقي، بعد تفهمك لمشاكله، فبعد شحنة الغضب التي صبها عليك، يبقى حريصا على رؤية رد فعلك، و هل تفهمت هذا الغضب و اسبابه ام لا. فبصفة عامة الإحترام و التفاهم ، يجلبان حلول أسرع لأي مشكلة أو خلاف.


5- عليك الإعتذار لهذا العميل بشكل مباشر. سواء كانت شكوى العميل شرعية أم لا،لا يهم حقا، ما دمت تود الإحتفاظ به معك. و ختم اعتذارك له بجملة:" دعنا نرى سويا ما يمكننا عمله حيال هذا الأمر".


6- اوجد معه حل حقيقي للمشكلة، و قد يأتي هذا الحل منه، و لكن عليك سؤاله اولا :" ماذا تظن انه يتوجب علينا فعله لحل تلك المشكلة؟". نعم، افتح باب التفاعل، و غالبا ستجد جزء كبير من الحل لدى العميل نفسه. في معظم الحالات، هذا كل ما يبحث عنه العميل عادة و قد يؤدي إلى توفير قدركبير من الارتياح.


7- بعد انصراف العميل و رضاه، لابد ان تريح اعصابك بعض الشيء، و تنفصل قليلا عن طبيعة عملك في مكتب خدمة العملاء. قم للتمشية قليلا او لتمازح زميل لك بكلمتين، قبل ان تبدأ التعامل مع العميل التالي، فمشاكل العملاء لن تنتهي، و لابد من ان تكون لديك الطاقة الكافية كل مرة للتعامل معها.



في النهاية عزيزي الثائر (العامل في مكتب خدمات الشعب دائما)، تذكر المقولة الشهيرة : "العميل (الشعب) دائما على حق".....فلا تستهين به و لا تتهكم عليه، و لا تترفع عن الإعتذار عن عدم تفهمك لتطلعاته للاستقرار و الأمن، و ثق ان الحلول ستأتي منه، لا منك، فانصت اليه جيدا، و إلا سينصرف عنك و يذهب مجددا لشركة الحاج ابو السباع و اولاده 






بقلم: سعيد عز الدين في 30/1/2014

الأحد، 19 يناير 2014

يسقط يسقط حكم تروكسلر

ظاهرة تروكسلر Troxler هي الوهم البصري الذي يمس الإدراك البصري. عندما ننظر بثبات على نقطة معينة حتى لفترة قصيرة من الوقت و بتركيز شديد، سوف نجد ان كل شيء بعيد عن نقطة التثبيت يتلاشى ويختفي!  لكن هذا لا يعني عدم وجوده، بل نحن من اخترنا ان لا نراه،بالتركيز فقط على نقطة واحدة.

عندما بدأنا مبادرة "نادي سينما اللاعنف" في مقر اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة بالإسكندرية، لم يوقفنا عدم اقبال المشاهدين، و العروض مستمرة إلى يومنا هذا، فما الغرض من هذه العروض؟؟؟
ما دفعنا لذلك ، و بشكل واضح ، عشوائية الحراك و الذي يغلب عليه العاطفة اكثر من العلم طوال السنوات الثلاث الماضية، و حيث اننا شعب لا يصبر على القراءة كثيرا ، فقد رأينا أن الأفلام قد تكون بديل جيد للكتب لفترة، بل من المتصور ان تدفع المتابع لنا و المشاهد لمكتبة أفلامنا للبحث و القراءة بشكل غير مباشر.
و بعد انتشار ثقافة العنف و تزايدها في المجتمع، كنتيجة لاستمرار المنهجية القمعية للسلطة، التي لا تعدو كونها مجموعة أفراد من نفس هذا المجتمع، وجدنا انه من واجبنا محاولة كسر دائرة العنف بشكل مباشر عن طريق الأفلام الوثائقية أو الدرامية التي تجسد ملاحم الكفاح و النضال السلمي و آلياته عند مختلف الشعوب، و توضح كذلك ويلات التطاحن البشري و الحروب لمن لم يعاصرها.
و لم و لن نجعل احد اهدافنا، نقل تجارب بذاتها، و لكن الاستفادة من تلك التجارب من خلال مناقشات بعد كل عرض، لنرى ما يمكننا الاستفادة منه في وطننا الغالي مصر.
ما دفعني لكتابة هذا المقال، ما لاحظته من اقبال عجيب على مشاهدة فيلم "الميدان" للمخرجة  المصرية الأمريكية جيهان نجم، و المرشح للأوسكار، و لن اناقش هنا الفيلم و توجهاته، و لا ادعو لعدم مشاهدته. لكن ما جدوى ان يشاهد كل منا فيلم يحكي عن تجربته الذاتية، و لا يهتم بمشاهدة ما يحدث حوله في العالم ليصقل خبراته و تجاربه، ليبحر بها للمستقبل؟؟؟ و ما معنى اهتمام مجموعات شبابية و مراكز ثقافية و سياسية بعرض الفيلم و الحشد لذلك، في حين ان عرض فيلم "غاندي" ، بأحد تلك المراكز ،لم يحضره غير مشاهد واحد ، بينما اغلق من يعملون به على أنفسهم الأبواب ، غير مكترثين بالعرض؟
"الذين ينظرون للماضي و الحاضر فقط، بالتأكيد لن يشاركوا في المستقبل" – كينيدي
لابد ان ننظر لماضينا و كل ما قمنا به على المستوى الشعبي و الوطني اولا، ثم على المستوى الشخصي ثانيا. و لكن لا تطيلوا النظر ، فتفقدوا طموح التطلع للمستقبل و تقعوا في فخ التشكك من كل شيء قادم ، لتصبحوا أسرى الماضي و الحاضر فقط. فالعبرة و العظة ، نأخذها من تجاربنا و تجارب من سبقنا، و الحاضر ترجمة لذلك، أما المستقبل، فيمتلكه فقط من يدرس و يتعلم و يعترف انه فشل في عدة تجارب، لكنه لا يتوقف عند تجاربه، بل يدرس كيف تتطور الشعوب ليضع تصورا شاملا لعلاج ولو قضية واحدة في وطنه.
نعم، نحن نتاج ماضينا جميعا، لكن هذا لا يعني أن نبقى سجناء في زنازينه.
و كما قال شكسبير في ماكبث: المشكلات التي لا نستطيع ان  نعالجها بشكل كلي، لا تستحق الوقوف عندها: ما قد حدث، قد حدث"
شاهدوا الفيلم و استمتعوا به، لكن لا تستسلموا لتوجهاته، ليحرككم كما ترى مخرجته، بل اجعلوا من الشعب محرككم الأساسي. لقد علمتم هذا الشعب الثورة في يناير 2011، و قد انتقلت اليه بالفعل، فاتبعوه الآن، فهو قائد الثورة المفقود، و هو لا يحتاج "ضمير" من وجهة نظري كما يقول الفيلم في نهايته، لكنه يحتاج للتوحد بعد ان تشتت و تفرق...و قد ثبت تاريخيا بطبيعة شعبنا، اننا نتوحد في حالة الكوارث و الحروب، أو حول المشروعات القومية....أو ، في النهاية، حول من يتوسم فيه الشعب الزعامة...
و حيث ان الشباب الثوري الوطني لم و لن يتمنى الدمار و الكوارث لنتحد، فيتوجب عليه، العمل على التوحد مع الشعب مجددا من خلال مشاريع قومية ، بعد ان انفصل عنه في الإستفتاء الأخير. و إلا، فلا تلوموا الشعب على اختيار السيسي رئيسا في حال ترشحه، او اختيار من تدعمه المؤسسة العسكرية في حال عدم ترشحه .
ليكن ماضينا مثل الشمس التي تسطع من خلفنا، لتنير لنا الطريق أمامنا....النظر لقرص الشمس طويلا و بدون نظارة مستقبل نحمي بها اعيننا، حتما سيصيبنا بالعمى، و عندها سنفقد القدرة على رؤية أي شيء.
سعيد عز الدين في 19/1/2014