الخميس، 20 فبراير 2014

النحانيح و النخانيخ

هالني ما أصاب المجتمع من أمراض نفسية، وصلت لدرجة لوم البشر على نعمة الإحساس!!!
فقد خرج علينا بعض من يخافون تغيير الحاضر لمستقبل مشرق، بل و يخافون من أي تضحية أو معاناة في سبيل ذلك، و بناءا على هذا الخوف، تجدهم يخرجون علينا بمصطلحات جديدة مثل "حكوكيين" بدلا من "حقوقيين" و لفظ "نحنوح" و هو الذي يعني من يتعاطف مع أي مظلوم و يهب نصرة له ويتأثر لمعاناته.
الغريب في أمر هؤلاء انهم لا يطلقون في ذات الوقت لفظ "نخنوخ" مثلا على كل من ينتهك حرمات المصريين حتى و إن كان موظف رسمي في الدولة ، في أجهزتها الحكومية أو الأمنية!!
هل تفضلون النخانيخ عن النحانيح؟؟؟؟ 
و هل كان لصحابي جليل مثل سيدنا عمر، و المعروف عنه شدته في الجاهلية و في الإسلام، أن يطلق على أبي بكر هذا اللفظ الساخر لمجرد كونه رجلا أسيفا ( لفظ عربي يعرف الآن في مصر بنحنوح)؟؟ 
بالقطع لا...ليس لكون هذا لون من التنابز بالألقاب فقط، بل لأن رقة القلب و دموع التأثر بالمواقف الحياتية  المختلفة، مراعاة لله فيمن حولنا ،نعمة من الله و ليست نقمة!! بل إن المرء ليثاب عليها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله تعالى ، ورجل قلبه معلق في المساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه ، وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إني أخاف الله تعالى ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه (متفق عليه)
تعالوا نعلم المزيد عن هذا الرجل الأسيف، الذي تولى الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم.
 لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يوذنه بالصلاة فقال مروا أبا بكر أن يصلي بالناس فقلت يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى ما يقم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر فقال مروا أبا بكر يصلي بالناس فقلت لحفصة قولي له إنأبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر قال إنكن لأنتن صواحب يوسف مروا أبا بكرأن يصلي بالناس فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة فقام يهادى بين رجلين ورجلاه يخطان في الأرض حتى دخل المسجد فلما سمع أبو بكر حسه ذهب أبو بكر يتأخر فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر فكان أبو بكر يصلي قائما وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدا يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس مقتدون بصلاةأبي بكر رضي الله عنه ،الرجل الأسيف الذي ارتفعت رايات فتحه فوق الدنيا.
ويتولى الخلافة الرجل الأسيف أبو بكر الصديق- رضي الله عنه -وبعض من قبائل العرب قد رتدت عن دينها ،ورفضت تأدية فريضة الزكاة وامتنع بعضها عن دفع الجزية .. ومعسكر الروم والفرس يتهيأ الفرص للقضاء على رسالة النبي الأميّ.
الرجل الأسيف يرسل إنذارا لكسرى , إلى من أراد أن يدمر دولة الإسلام , ودولة العز والشموخ والإباء ويقول له " يا كسرى كيف تتكبر على الله وأنت الذي نزلت من مجرى البول مرتين مرّة من صلب أبيك ،ومّرة من رحم أمك وكلا هما من مجرى البول..يا كسرى أسلم وإلا فقد جئتك بقوم يحرصون على الموت كما تحرصون أنتم على الحياة "...
الرجل الأسيف العادل الزاهد خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي ارتفعت رايات فتحه فوق الدنيا , لتنشر دين الحق والعدل, والإحسان فوق الأنام .. ينظر من وراء الأفق إلى المعسكرين الشرقي والغربي – الفرس والروم – وقد حشدت جيوشها الآلاف المؤلفة لتقضي على كلمة التوحيد ، ودولة الإسلام فيرسل بخالد بن الوليد سيف الله المسلول ليضرب به كسرى، ويحطم طغيانه وهو يقول:
"عجزت النساء أن يلدن مثل خالد ، والله لأشفين وساوسهم بخالد بن الوليد"
الرجل الأسيف كان أبرز نواحي عظمته الإيمان والحزم، والتضحية بنفسه، وماله في سبيل الدعوة إلى الله ورسوله ،وإخلاص النية والورع الصادق ، وكان يقول:" لا خير في قول لا يراد به وجه الله تعالى , ولا خير في مال لا ينفق في سبيل الله عز وجل ،ولا خير فيمن يغلب جهله بحلمه ، ولا خير فيمن يخاف في الله لومة لائم"
الرجل الأسيف المؤسس الثاني لدولة الإسلام من بعد الحبيب المصطفى ،سهر على مصالح المسلمين، وزهد في دنياهم، وأشفق على ضعفائهم ،حتى إنه لما وليّ الخلافة قالت بنات الحي :
الآن يحلب لنا أبو بكر أغنامنا !!!!. فبلغ ذلك أبا بكر فقال :
"بلى والله لأحلبن لكُنّ كما كنت أصنع من قبل ، وأرجو ألا يغيرني الله عن خلق كنت أعتاده قبل الخلافة"
الرجل الأسيف قام بعبء الخلافة على خير ما يقوم به رجل في تاريخ الإسلام والمسلمين ، وأنعم الله عليه بالفتوحات العظيمة ، وتحرير الشعوب من الطغاة ، وقد آتاه الله شجاعة وحزم أولو العزم من الرسل والأنبياء...وكان يقول لرعيته :
"أيها الناس ! إن كثر أعداؤكم وقلّ عددكم , ركب الشيطان منكم هذا المركب ؟ والله ليظهرن هذا الدين على الأديان كلها ، ولو كره المشركون ، قوله الحق ووعده الصدق"
(( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون))
الرجل الأسيف وقف خطيبا يوم وليّ الخلافة ليقول :"إني قد وليت عليكم ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ،وإن أسأت فقوموني ، الصدق أمانة ،والكذب خيانة ،والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له الحق ،والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق ، لا يدع القوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل ،ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء ،أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".أين نحن الآن من الرجل الأسيف!!؟؟
اللهم اجعلنا من النحانيح و قنا شر كل النخانيخ.....

بقلم : سعيد عز الدين   في 20/2/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق