السبت، 15 نوفمبر 2014

الحرب على الجريمة

هل فكرت قليلا، في الإرهاب و ما يعنيه؟؟ و هل يمكن تصنيفه بكل بساطة كنوع من أنواع الجرائم؟؟؟ بالطبع الإرهاب عبارة عن جريمة بكل ما تحمله الكلمة من معاني...فالشخص أو العصابة الإرهابية تخطط لجريمتها، و لديها دوافعها، و هناك أدوات للجريمة، و هناك ضحايا لكل عملية إرهابية....كذلك جريمة السرقة و جريمة الإغتصاب و جريمة الإختطاف و جريمة القتل و جريمة التزوير...فهناك دائما دوافع، ثم خطة، ثم أدوات و موارد، ثم تنفيذ ضد ضحايا بعينهم.
السؤال الآن، هل استطاعت أعتى دول العالم و الأكثر تحضرا القضاء تماما على الجرائم؟؟؟ و هل نتوقع لو أعلنت أي دولة اليوم الحرب على الجريمة، أن تقضي عليها في يوم من الأيام على أرضها ؟؟؟؟
لو اتفقنا على تصنيف الإرهاب كنوع من الجرائم، فلننظر ما هي الأساليب العلمية للحد من الجريمة بصفة عامة.
أولا ماهي الأسباب الرئيسية للجريمة؟
بصفة عامة، الإنسان إذا رأى أن منفعته من الإقدام على الجريمة، أعظم من الضرر الذى يتوقعه من إقدامه عليها، أقدم عليها.
وذهب البعض إلى أن أسباب الجريمة، هي عوامل جغرافية، فترتفع نسبة الجريمة وتنخفض حسب تغير المناخ، كالحرارة والبرودة والجفاف والرطوبة والأمطار، والطقس، والضغط الجوى والعواصف والرياح..... الخ..
وذهب آخرون إلى أن السبب وراثي – أي إن المجرم يعود بسبب الوراثة إلى الانسان البدائي الأول
ويرى آخرون أن أسباب الجريمة راجعة للجنس، أي للذكورة والأنوثة، فإجرام النساء أقل من إجرام الرجال بسبب اختلاف البيئة الداخلية للمرأة عن الرجل
وذهب آخرون إلى رد أسباب الجريمة إلى العرق، أي إلى الأجناس البشرية المختلفة، فالزنوج أعلى نسبة في جرائم العنف، وكذلك الشعوب التي تسكن في حوض البحر الأبيض المتوسط
هناك آراء كثيرة جدا قد نتفق أو نختلف عليها، و لكن قناعتي الشخصية تتمثل في أن أسباب الجرائم تعود إلى أسباب نفسية، كالضعف العقلي، والأمراض العقلية والنفسية والعصبية وعدم استطاعة الإنسان التوفيق بين شهواته التى تكره القيود، والواقع الخارجي الذى فرض المجتمع فيه قيودا. قد تكون تلك القيود بسبب عوامل اجتماعية منها الاقتصادية، كالفقر الذى يعد عاملاً أساسياً فى تكوين السلوك الإجرامي ومنها تطور البناء الاجتماعي وازدياد نموه الذى يزداد بسببه نظامه تعقيداً، ينتج عنه عدم التجانس والتوافق، بسبب زيادة القيود والأنظمة، فتنطلق شهوات الأفراد ضد تلك القيود والأنظمة، ومن هنا تكون الجريمة ناشئة من عوامل اجتماعية. و قد تكون تلك القيود بسبب العوامل السياسية المختلفة التي قد تتمثل في محاولات الإقصاء و التهميش و القمع للمعارضة و غيرها.
إذن، ماهي آليات التصدي للجريمة و الحد منها؟ لأننا كما اتفقنا لن نقضي عليها ابدا....
بصفة عامة ووفقا للسبب العام للجريمة، يجب ان نجتهد في اقناع المجرم أن ضرر إقدامه على ارتكاب جريمته أعظم بكثير مما قد يكسبه جراء تنفيذها.... فلو استطعنا التخلص من الكبت الجنسي مثلا في المجتمع، و أصبحت عملية الزواج بسيطة و لا تعطلها معوقات اقتصادية أو اجتماعية لتجنبنا الكثير من جرائم الإغتصاب و التحرش.
ولو تحققت بنسبة كبيرة العدالة الإجتماعية، لتجنبنا عدم تجانس طبقات المجتمع، و لضعفت الرغبة عند المواطنين لتحطيم القيود و القوانين.
و لو قضينا على ظاهرة متوارثة لدى السلطة الحاكمة بصفة عامة في مصر، و هي الإقصاء و التهميش و القمع للمعارضة و عدم توافر أدنى حد للشفافية و المساءلة المجتمععية و لو تبنت الدولة و المجتمع سياسات صحيحة للوصول لديمقراطية تشاركية حقيقية....لتجنبنا الكثير من الجرائم السياسية التي يطلق عليه اليوم الإرهاب.
و أهم آليات التصدي للجريمة على الإطلاق تكمن بكل بساطة ووضوح في في البدء بمحاربتها داخل منظومات الأمن و العدالة و الحد منها هناك أولا، ففاقد الشيء لا يعطيه، و لا أعني هنا إعادة بناء الأفراد فقط داخل تلك المنظومات، بل و تعليمات العمل و آلياته و منظومة القوانين الفاسدة المليئة بالثغرات و المفصلة لخدمة فئات بعينها أو لقمع فئات أخرى .
الإرهاب ....جريمة....الحد منها يتطلب أكثر من مجرد المعالجات الأمنية التي تتعامل فقط مع السلوك الإجرامي و لا تجفف منابعه الفكرية و لا تتناول دوافعه بالتحليل و وضع الخطط لتصحيح المسار الفكري و إيجاد فكر بديل ، بناء و يتسع للجميع.