الخميس، 30 يناير 2014

الخطوات السبع للتخلص من السبع

فكرة ابو السباع المسيطرة على مجتمعاتنا الشرقية، لن تولد غير ديكتاتوريات، فكيف يتسنى لنا التخلص من هذه الفكرة المتوارثة؟ و كيف نستطيع تدريجيا الخروج من حالة الاستسهال و التواكل إلى حالة الأخذ بالأسباب و التوكل على الله بشكل حقيقي للوصول لوطن أفضل؟ لفتت نظري سبعة خطوات نص عليها مقال في مجلة الأعمال الأمريكية فوربس، توضح كيف يتسنى للتاجر ارضاء العملاء....هاهو ملخصها :


1- التزام الهدوء. عندما يبدأ العملاء في الصراخ يتصرفون معك بشكل فظ، ليس هناك ما يمكن كسبه من الاستجابة بطريقة مماثلة. في الواقع، فإن ذلك على الأرجح تصعيد للسلوك العدواني المتبادل. يجب عليك السيطرة على نفسك، حتى لو خطبة العميل العصماء تجعلك تشعر برغبة شديدة في الصراخ في وجهة.


2- لا تعتبر الأمر شخصيا. لكن تذكر دائما، أن أساس غضب العميل ليس من شخصك أنت، لكنه في واقع الأمر منزعج تماما من نوعية الخدمة التي تقدمها له. ضع مشاعرك الشخصية جانبا.


3- استخدام أفضل مهارات الاستماع لديك. أول شيء يريده العملاء الغاضبون هو التنفيس. للقيام بذلك، فإنهم بحاجة إلى من يستمع ، كنت ذلك الشخص و تحمل ما يقال بصدر رحب،فالاستماع بصبر قد ينزع فتيل الأزمة، لاسيما لو ابديت تفهمك لوجهة نظر هذا العميل.وعندما ينهي العميل الحديث، لخص شكواه ولا تتردد في طرح أي سؤال عليه لزيادة توضيح شكواه، فهذا النوع من التفاعل يبني جسور ثقة قد تهدمت . لغة الجسد يمكن أن تكون ذات أهمية حاسمة. حافظ على الاتصال بالعين و الوقوف أو الجلوس بشكل مستقيم امامه لتظهر له تمام الالتفات الى مشكلته و الإهتمام البالغ بها.


4- اظهر تعاطفك مع العميل بشكل حقيقي، بعد تفهمك لمشاكله، فبعد شحنة الغضب التي صبها عليك، يبقى حريصا على رؤية رد فعلك، و هل تفهمت هذا الغضب و اسبابه ام لا. فبصفة عامة الإحترام و التفاهم ، يجلبان حلول أسرع لأي مشكلة أو خلاف.


5- عليك الإعتذار لهذا العميل بشكل مباشر. سواء كانت شكوى العميل شرعية أم لا،لا يهم حقا، ما دمت تود الإحتفاظ به معك. و ختم اعتذارك له بجملة:" دعنا نرى سويا ما يمكننا عمله حيال هذا الأمر".


6- اوجد معه حل حقيقي للمشكلة، و قد يأتي هذا الحل منه، و لكن عليك سؤاله اولا :" ماذا تظن انه يتوجب علينا فعله لحل تلك المشكلة؟". نعم، افتح باب التفاعل، و غالبا ستجد جزء كبير من الحل لدى العميل نفسه. في معظم الحالات، هذا كل ما يبحث عنه العميل عادة و قد يؤدي إلى توفير قدركبير من الارتياح.


7- بعد انصراف العميل و رضاه، لابد ان تريح اعصابك بعض الشيء، و تنفصل قليلا عن طبيعة عملك في مكتب خدمة العملاء. قم للتمشية قليلا او لتمازح زميل لك بكلمتين، قبل ان تبدأ التعامل مع العميل التالي، فمشاكل العملاء لن تنتهي، و لابد من ان تكون لديك الطاقة الكافية كل مرة للتعامل معها.



في النهاية عزيزي الثائر (العامل في مكتب خدمات الشعب دائما)، تذكر المقولة الشهيرة : "العميل (الشعب) دائما على حق".....فلا تستهين به و لا تتهكم عليه، و لا تترفع عن الإعتذار عن عدم تفهمك لتطلعاته للاستقرار و الأمن، و ثق ان الحلول ستأتي منه، لا منك، فانصت اليه جيدا، و إلا سينصرف عنك و يذهب مجددا لشركة الحاج ابو السباع و اولاده 






بقلم: سعيد عز الدين في 30/1/2014

الأحد، 19 يناير 2014

يسقط يسقط حكم تروكسلر

ظاهرة تروكسلر Troxler هي الوهم البصري الذي يمس الإدراك البصري. عندما ننظر بثبات على نقطة معينة حتى لفترة قصيرة من الوقت و بتركيز شديد، سوف نجد ان كل شيء بعيد عن نقطة التثبيت يتلاشى ويختفي!  لكن هذا لا يعني عدم وجوده، بل نحن من اخترنا ان لا نراه،بالتركيز فقط على نقطة واحدة.

عندما بدأنا مبادرة "نادي سينما اللاعنف" في مقر اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة بالإسكندرية، لم يوقفنا عدم اقبال المشاهدين، و العروض مستمرة إلى يومنا هذا، فما الغرض من هذه العروض؟؟؟
ما دفعنا لذلك ، و بشكل واضح ، عشوائية الحراك و الذي يغلب عليه العاطفة اكثر من العلم طوال السنوات الثلاث الماضية، و حيث اننا شعب لا يصبر على القراءة كثيرا ، فقد رأينا أن الأفلام قد تكون بديل جيد للكتب لفترة، بل من المتصور ان تدفع المتابع لنا و المشاهد لمكتبة أفلامنا للبحث و القراءة بشكل غير مباشر.
و بعد انتشار ثقافة العنف و تزايدها في المجتمع، كنتيجة لاستمرار المنهجية القمعية للسلطة، التي لا تعدو كونها مجموعة أفراد من نفس هذا المجتمع، وجدنا انه من واجبنا محاولة كسر دائرة العنف بشكل مباشر عن طريق الأفلام الوثائقية أو الدرامية التي تجسد ملاحم الكفاح و النضال السلمي و آلياته عند مختلف الشعوب، و توضح كذلك ويلات التطاحن البشري و الحروب لمن لم يعاصرها.
و لم و لن نجعل احد اهدافنا، نقل تجارب بذاتها، و لكن الاستفادة من تلك التجارب من خلال مناقشات بعد كل عرض، لنرى ما يمكننا الاستفادة منه في وطننا الغالي مصر.
ما دفعني لكتابة هذا المقال، ما لاحظته من اقبال عجيب على مشاهدة فيلم "الميدان" للمخرجة  المصرية الأمريكية جيهان نجم، و المرشح للأوسكار، و لن اناقش هنا الفيلم و توجهاته، و لا ادعو لعدم مشاهدته. لكن ما جدوى ان يشاهد كل منا فيلم يحكي عن تجربته الذاتية، و لا يهتم بمشاهدة ما يحدث حوله في العالم ليصقل خبراته و تجاربه، ليبحر بها للمستقبل؟؟؟ و ما معنى اهتمام مجموعات شبابية و مراكز ثقافية و سياسية بعرض الفيلم و الحشد لذلك، في حين ان عرض فيلم "غاندي" ، بأحد تلك المراكز ،لم يحضره غير مشاهد واحد ، بينما اغلق من يعملون به على أنفسهم الأبواب ، غير مكترثين بالعرض؟
"الذين ينظرون للماضي و الحاضر فقط، بالتأكيد لن يشاركوا في المستقبل" – كينيدي
لابد ان ننظر لماضينا و كل ما قمنا به على المستوى الشعبي و الوطني اولا، ثم على المستوى الشخصي ثانيا. و لكن لا تطيلوا النظر ، فتفقدوا طموح التطلع للمستقبل و تقعوا في فخ التشكك من كل شيء قادم ، لتصبحوا أسرى الماضي و الحاضر فقط. فالعبرة و العظة ، نأخذها من تجاربنا و تجارب من سبقنا، و الحاضر ترجمة لذلك، أما المستقبل، فيمتلكه فقط من يدرس و يتعلم و يعترف انه فشل في عدة تجارب، لكنه لا يتوقف عند تجاربه، بل يدرس كيف تتطور الشعوب ليضع تصورا شاملا لعلاج ولو قضية واحدة في وطنه.
نعم، نحن نتاج ماضينا جميعا، لكن هذا لا يعني أن نبقى سجناء في زنازينه.
و كما قال شكسبير في ماكبث: المشكلات التي لا نستطيع ان  نعالجها بشكل كلي، لا تستحق الوقوف عندها: ما قد حدث، قد حدث"
شاهدوا الفيلم و استمتعوا به، لكن لا تستسلموا لتوجهاته، ليحرككم كما ترى مخرجته، بل اجعلوا من الشعب محرككم الأساسي. لقد علمتم هذا الشعب الثورة في يناير 2011، و قد انتقلت اليه بالفعل، فاتبعوه الآن، فهو قائد الثورة المفقود، و هو لا يحتاج "ضمير" من وجهة نظري كما يقول الفيلم في نهايته، لكنه يحتاج للتوحد بعد ان تشتت و تفرق...و قد ثبت تاريخيا بطبيعة شعبنا، اننا نتوحد في حالة الكوارث و الحروب، أو حول المشروعات القومية....أو ، في النهاية، حول من يتوسم فيه الشعب الزعامة...
و حيث ان الشباب الثوري الوطني لم و لن يتمنى الدمار و الكوارث لنتحد، فيتوجب عليه، العمل على التوحد مع الشعب مجددا من خلال مشاريع قومية ، بعد ان انفصل عنه في الإستفتاء الأخير. و إلا، فلا تلوموا الشعب على اختيار السيسي رئيسا في حال ترشحه، او اختيار من تدعمه المؤسسة العسكرية في حال عدم ترشحه .
ليكن ماضينا مثل الشمس التي تسطع من خلفنا، لتنير لنا الطريق أمامنا....النظر لقرص الشمس طويلا و بدون نظارة مستقبل نحمي بها اعيننا، حتما سيصيبنا بالعمى، و عندها سنفقد القدرة على رؤية أي شيء.
سعيد عز الدين في 19/1/2014

الأربعاء، 8 يناير 2014

طاعون التظاهر

اخشى ان يصيب الوطن مع الوقت طاعون التظاهر اللانهائي و الذي لن يتوقف قبل القضاء على كل من يمتلك شجاعة مواجهة الظلم و القهر و القمع السلطوي.
التظاهر يا رفاق ليس إلا اداة من ادوات الاحتجاج، له اساليبه و اوقاته كما ان له ايضا نواهي استعمال.
و لعل حالة اصرار السلطة اليوم على افتعال مسببات تظاهر هي في حد ذاتها احد اهم موانع الإستعمال. فقانون قمعي يمنع التظاهر بدلا من ان ينظمه، و يتفنن في تفنيد كيفية عقاب المتظاهرين الخارجين عن حدوده، و لا يذكر لنا كيف سنعاقب الشرطي المتسلط و القمعي المتجاوز ايضا لحدوده ، يعد احد اهم المسببات.
و من المسببات الأخرى للتظاهر، دفع السلطة بشخص مثل عبد الرحيم علي ، ليخالف على الهواء مباشرة المادة 309 من قانون العقوبات و التي تنص  في جزء منها على انه :" انه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي سنة كل من أعتدي علي حرمة الحياة الخاصة للمواطن ، وذلك بأن يكون أرتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضاء المجني عليه :استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون . التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أيا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص"
و نجد ايضا من ضمن مسببات التظاهر السلطوية، تمرير مادة المحاكمات العسكرية للمدنيين في الدستور الجديد. و عودة زوار الفجر لبيوت الطلاب بشكل عشوائي إلى جانب اعتقال مؤخرا من جاهر بتوزيع منشورات لرفض الدستور!
فلماذا اذن تدفعنا السلطة للاحتجاج بالأسلوب الذي تمنعه؟
لنفهم ذلك سويا ، دعوني اروي لحضراتكم قصة "طاعون الرقص".
كان الطاعون الرقص في عام 1518 م ، عندما حدثت حالة من هوس الرقص في ستراسبورغ، الألزاس (التي كانت جزءا من الإمبراطورية الرومانية المقدسة) في يوليو  1518. فقد استمرعدد كبير من الناس في الرقص لعدة أيام دون راحة. بدأ انتشار المرض في يوليو 1518 عندما بدأت سيدة تدعى فراو تروفيا بالرقص بحماس في شارع في ستراسبورغ. واستمر ذلك ما بين 4إلى 6 أيام. في غضون أسبوع، كان 34 آخرين قد انضموا لها وفي غضون شهر، كان هناك نحو 400 من الراقصات. بعض من هؤلاء الناس مات في نهاية المطاف من النوبات القلبية والسكتة الدماغية، أو الإرهاق.
الوثائق التاريخية، بما في ذلك مذكرات طبيب، خطب الكاتدرائية، سجلات محلية وإقليمية، وحتى المذكرات الصادرة عن مجلس مدينة ستراسبورغ اوضحت ان الضحايا استمروا بالرقص لسبب غير مفهوم حتى الوفاة.
مع تفاقم طاعون الرقص، سعى النبلاء بعد نصيحة من الأطباء المحليين، الذين استبعدوا كون الظاهرة لأسباب فلكية وخارقة، حين اعلنوا ان الطاعون مرض طبيعي بسبب ما اسموه "الدم الحار". ومع ذلك، بدلا من ايجاد علاج لهذا النزيف المستمر، شجعت السلطات الرقص أكثر و أكثر، عن طريق فتح قاعتين نقابيتين وسوق للحبوب، حتى انهم اقاموا منصة خشبية لضمان استمرار الرقص. فعلت السلطات هذا لأنهم يعتقدون أن الراقصات سيتعافين فقط إذا رقصن بشكل مستمر ليلا ونهارا. و لزيادة فعالية العلاج، دفعت السلطات بالموسيقيين للحفاظ على استمرار تلك النكبة!
أيها السادة العظام، منذ 1915 و حتى مسيرة الملح في 1930 ، كان غاندي في الهند يستغل السكك الحديدية التي صنعها المحتل ليستغل موارد وطنه، لنشر أفكاره و لحشد ابناء وطنه تحت مظلته الفكرية، و قد نجح. فالتاريخ يذكر غاندي و لايذكر من كانوا يفجرون القطارات في الهند في ذلك الوقت بزعم انها من صنع المستعمرين.
أنا ارفض قانون التظاهر مثلا لأسباب عديدة، لكنني لن اخالفه لأعطي الفرصة لمن في السلطة ليجعلني "استمر في الرقص" حتى الموت.
 فقد اذهب لأخذ موافقة السلطات على وقفة احتجاجية مثلا باسم " قرب قرب ...ياللا نسرب" للمطالبة بالمساواة في التسريبات بين النشطاء و رجال مبارك و الحزب الوطني و الإخوان و غيرهم . و لن يهمني المكان و لا الزمان وقتها ، و ستكون السلطة مطالبة بحمايتي و تأمين الوقفة!!!! فهل ستمتلك السلطات الشجاعة لمنحي تلك الموافقة؟ ام سيخافون ؟
نعم، نستطيع استخدام ادواتهم، لنقدهم بها، و لإظهار الأهداف الخفية من وراء مثل تلك التشريعات...لكنني لا اريد ان يفقد وطني طاقات مخلصة، اشرقت على البلاد بأمل جديد في 25 يناير 2011، مثلما فقدت فرنسا راقصين و راقصات، كانت لديهم القدرة على توفير البهجة المستدامة للفرنسيين لو كانوا اكتفوا بالرقص لأوقات محددة و بأعداد صغيرة في كل شوارع فرنسا، بدلا من التكدس في مكان واحد و مواصلة الرقص حتى الموت!!  
هناك اساليب اخرى للإحتجاج.  الإحتجاج الذي يعتمد على الفكر اكثر منه على التعاطف... و على كسب الجماهير بدلا من ارهاقها و التهكم عليها بل و سبها في بعض الأحيان و نعت المواطنين بعدم الإحساس و الخسة و غيرها من الخصال المنفرة للصغير قبل الكبير .
في النهاية ، لا اريد ان يصبح تاريخ 25 يناير من كل عام، ذكرى طاعون، بدلا من ان يكون ذكرى بداية ثورتنا المستمرة.

بقلم: سعيد عز الدين في 8/1/2014