الأحد، 15 يناير 2012

يناير 2012 - بين عيد ثورة تونسي و ثورة مصرية مستمرة



الفرق كبير شويه بين مصر و تونس، أنا عارف إن كلنا حنقول مصر أكبر و موقعها مطمع لدول كتير و بتتحارب خارجيا أكتر بكتير من تونس. بس خلينا نفكر مع بعض شويتين:

1-أن الجنرال رشيد عمار لم يستسلم لقراري إقالته و الإقامة الجبرية اللذين صدرا من بن علي ، وشاهدنا كيف أن دبابات الجيش حاصرت قصر قرطاج الرئاسي ولاحقت عائلة الرئيس المخلوع فاعتقلت أفرادها على الحدود و المطارات قبل فرارهم.

ولكن من هو الجنرال رشيد عمار الذي انتصر لإرادة الشعب التونسي؟ سؤال ليس من السهل الإجابة عنه بالنسبة للعديد من المراقبين، وخاصة أن الرجل لا يحب الظهور كثيرا، وهو ملتزم بالدور الدستوري والتقليدي والوطني للجيش الوطني في حماية أراضي الوطن دون التدخل في السياسة.

على النقيض في الحالة المصرية، القوات المسلحة هي التي تحكم و تدير سياسات الدولة و من يتقاعد من قادة و لواءات الجيش يتم تعيينه في الإدارة المحلية أو كمحافظ و غيرها من مناصب الدولة و هذا المنهج متبع منذ حكم الضباط الأحرار و إلى الآن.

2- في تونس قامت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي برئاسة المحامي و المعارض لبن علي ، عياض بن عاشور ، بتحديد شروط الإنتخاب للمجلس التأسيسي على أساس التمثيل النسبي لجميع طوائف الشعب بنسبة 1 لكل 6000 نسمة و تمت الإنتخابات على هذا الأساس، بينما توزيع السكان الجغرافي في مصر و نظرية التمثيل النسبي تلك لم يراعيها أحد في إنتخابات مجلس الشعب الذي سيقود عملية إختيار المجلس التأسيسي. و من الجدير بالذكر طالب تقرير التنمية البشرية عن عام 2008 الصادر عن البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، بإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية فى محافظة القاهرة بما يحقق العدالة فى تمثيل سكانها فى البرلمان،وأكد التقرير الذى أعلن فى مؤتمر عقد بالتعاون بين «البرنامج الإنمائى» ووزارة التنمية المحلية، أمس، أن عدد سكان حى الموسكى يبلغ 17 ألفاً، بينما المقيدون فى الجداول الانتخابية 30 ألفاً، مما يدل على تسجيل العاملين فى المصانع والورش فى المنطقة دون الرجوع إلى محال إقامتهم، وتسجيل 600 ألف صوت فى الجداول الانتخابية فى دائرة المرج فى حين يبلغ عدد سكانها 70 ألفاً فقط. و هذا التقرير يؤكد على وجوب تفعيل التمثيل النسبي حتى في الإنتخابات البرلمانية!!! و ليس الجمعيات التأسيسية فقط. فمن المفارقات العجيبة في توزيع عدد المقاعد على المحافظات أن حظيت محافظة القاهرة بأكبر عدد من المقاعد بـ54 تليها الدقهلية 36، ثم الشرقية وسوهاج والغربية والبحيرة والجيزة، ولكل منها 30 مقعداً، بينما حظيت الإسكندرية ب 24 مقعدا فقط!!! مع إن عدد سكانها يفوق كل من سوهاج و الغربية صاحبتي ال30 مقعد في البرلمان!!!



3- تكونت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الإصلاح السياسي في تونس بالأساس من 28 حزب ومنظمة وهم الاتحاد العام التونسي للشغل ونقابة المحامين، ورابطة القضاة، ولجنة مناهضة التعذيب، وحزب النهضة الإسلامية، حزب العمال الشيوعي التونسي، وجمعية مناهضة التعذيب التونسية و إتسعت العضوية تدريجيا لتسع الهيئة 12 حزابا سياسيا و19 نقابة، وتضم جمعيات المجتمع المدني وقطاع الأعمال. في حين ظلت اللجنة العليا للإنتخابات في مصر صورة مشوهة من الماضي و غير معبرة عن تغيير حقيقي في التكوين ليتناسب مع الحالة الثورية في مصر، كما أن هناك من يحارب الحريات النقابية و يصر على وجود إتحاد العمال المصري التابع للدولة و الغير معبر عن التكوينات العمالية الفعلية في البلاد و نضيف إلى ذلك محاربة المجلس العسكري للمنظمات الحقوقية و المجتمع المدني بشكل غريب!!.

لذلك و بعد كل هذه الإختلافات الجوهرية في المناهج الحاكمة ، مابين التغير الشامل التونسي و تنصيب الثورة ملكة للبلاد و الإصرار على ترقيع ثوب مؤسسات الحكم البالية في مصر بحجة تسيير عجلة الإنتاج التي ظلت في حالة توقف لعقود عديدة، لا يسعنا إلا تمني عيد ثورة سعيد لتونس الخضراء و تمني إكتمال الثورة في مصر بعد عام مر من الإلتفافات و التسويف لمطالب الثورة المصرية في العام المقبل بإذن الله.