الأحد، 16 فبراير 2014

صلاح الأحوال ولا ألف شوال

عزيزي الموظف المدني في جهاز الأمن المصري، و أخاطب هنا الشرفاء فقط ، يا من كنت تلبس بدلتك العسكرية للارهاب و لردع كل مخطيء.....لقد كانت كافية فيما مضى، فماذا حدث؟؟؟
إذا شاهدتم أفلامنا القديمة، ستجدون عسكري الدرك، يتحرك بحرية تامة و بعزة و فخر، و يهابه الجميع، ليس لأنه يحمل سلاحا، لكن لأنه يمثل القانون و يسهر على حمايته. لقد كان يكفيه في حالة الريبة أن ينادي "مين هناك؟" ليمنع وقوع الجرائم، لكننا اليوم نستيقظ على أخبار هجوم عتاة الإجرام على نقاط أمنية !! فأصبح المجرمون هم من يبادرون بالهجوم على رجال الأمن في استهانة واضحة بهم و بجهازهم الأمني،وأصبحنا لا نستبعد اي تفجير لأي منشأة أمنية هنا أو هناك، بل و أصبح المجرمون يتفننون في العبوات الناسفة ، فتارة تقتل و تصيب، و تارة أخرى ينتج عنها صوت فقط، لتذكير الجهاز الأمني بأنه هدف سهل المنال لأيديهم الملوثة بالدماء.
ما الفرق بين مشاهد أفلام اسماعيل يس، و ما بين واقعنا اليوم؟
الأمر ببساطة يكمن في العقيدة الشرطية، و المرتبطة بشكل مباشر بانحدار المستوى السلوكي للمجتمع ككل، نتيجة لإهمال دام ثلاثين عاما. لقد اهمل نظام مبارك الانسان المصري ككل، صحيا و علميا و ثقافيا، و هذه هي أكبر و أخطر جرائمه و التي لم يحاسب عليها إلى الآن، لأنها غير منصوص عليها في القانون المصري!! و كأن القانون هو المحدد لحياتنا، و ليست حياتنا كما نريد هي من تشرع القوانين.
لقد اختلفت مناهج اكاديمية الشرطة، و اختلفت عقيدة من يدرس هناك مع الوقت، لتصبح قدراته مكرسة لخدمة الأنظمة، و ليس ابدا لخدمة القيم و المباديء المجتمعية التي تصنع من خلالها القوانين، و تعكس رغبات الشعوب. فصار من الطبيعي ان يرفض أغلب رجال الشرطة، إلا من رحم ربي، اي رقابة على عملهم، من اي نوع، سواءا كانت رقابة مدنية أو قضائية داخل المنشآت الشرطية و اثناء عملهم. و صارت العصبية للجهاز و ربطه دائما بهيبة الدولة، مانع قوي لأي محاولة للاصلاح من الداخل، فاستمرت الانتهاكات، و استمر التعذيب داخل الأقسام،على مرأى و مسمع من ظباط و أفراد شرفاء ، لكن دون تدخل منهم من باب عدم الاضرار بسمعة الوزارة التي يعملون من خلالها، لأنهم تعلموا ان سمعتها هي سمعتهم الشخصية!!!
الدفاع عن الأباطيل و اخطاء الزملاء ، من باب حماية سمعتك، عزيزي الظابط الشريف، هو في الواقع الذي يعرض سمعتك للخطر و لن يوفر لك أي نوع من الحماية مثله مثل اجولة الرمال أمام قسم الشرطة أو المديرية أو نقطة الأمن التي تعمل بها.....فقد علم المجرمون تمام العلم ، انك لن تأخذها معك في سيارتك، و لن تظل ليلا و نهارا بالقميص الواقي، و اصبحوا يتحينون الفرص للانقضاض عليك في اي لحظة، لأنك اصابك الهوان و الضعف، حتى و ان كنت مسلحا.
لم احب ان اشير لعدم حمل الشرطة الانجليزية لأي نوع من الأسلحة، حتى لا اتهم بالعمالة او بكوني عميل أو صاحب أجندة، لكنني فضلت مقارنة ماضينا بحاضرنا.
عودوا بنا لشعور المواطن فيما مضى، عندما كان يحترمكم و لا يخافكم، و عندما كنتم تحمونه و لو كان متهما ولا تحتقرونه.....فصلاح الأحوال في مكان عملكم يحميكم افضل من ألف شوال  من الرمال حوله.

بقلم: سعيد عز الدين     في 16-2-2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق