الثلاثاء، 3 ديسمبر 2013

الحقيقة... ليست لها أجندات

قد تصدمنا الحقيقة،  و قد تسبب لنا ألما عظيما، لكنها في النهاية لا تقتلنا. بعكس الزيف و الإدعاء اللذان قد يشعرانا بالراحة لبعض الوقت، بل بتحقيق الذات في بعض الأحيان، لكنهما لا يساعدان على علاج أوجاع وطن سقيم.
رمز القبضة الذي يرمز من قديم الأزل للترابط و التضامن و استخدمته حركة اوتبور في صربيا لتوحيد الصف الشعبي و نجحوا فعلا.... تستخدمه 6 ابريل و يستخدمه الاشتراكيون الثوريون و تستخدمه مجموعتنا كلجان ، لكن القبضة المصرية الواحدة المضمومة بقوة و المرفوعة في وجه اي ظالم و غاشم.... انبسطت و لم تعد مضمومة، فهناك من بسط اصبعين لنصرة السيسي، و هناك من بسط ثلاثة أصابع ضد الفلول و العسكر و الاخوان و هناك من بسط أربعة أصابع بحجة شرعية رئيس ساقط من قبل توليته وهناك من يبسط الخمسة أصابع في وجه من يظن انهم يحسدونه على هذا الوطن، لكنني سأكتفي في الوقت الحالي ببسط إصبع واحد، لأقول "لا إله إلا الله " و اقرأ الفاتحة على كل من ماتوا ......
فقد مات الكثير من ابناء هذا الوطن من أجل إعلاء الحق و القضاء على كل باطل. 
لكن ما هو مفهوم الحق و مفهوم الباطل من وجهة نظر كل منا؟ 
نصيحة، لا تصدق كل ما تسمع من روايات و قصص، فهناك رواية او اكثر لمن يخالفون فكرك و هناك رواية أو قصة ترويها أنت لغيرك من وجهة نظرك، و هناك قصة في أغلب الأحيان يصعب على طرف واحد الإلمام بكل جوانبها، تسمى بكل بساطة..... الحقيقة
لكي نصل بقدر الإمكان لتلك القصة الكاملة المسماة بالحقيقة،  و البعيدة بنسبة كبيرة عن الباطل، لابد اولا ان نؤمن بأن العدل يمكن تحقيقه،  حتى لو سار المجتمع في طريق مغاير لايديولوجياتنا و الفكر الذي لطالما حلمنا بتطبيقه في هذا المجتمع. فالعدل اسم من اسماء الله الحسنى و سبحانه و تعالى هو الأول قبل اي شيء و الآخر بعد كل شيء و الظاهر و الباطن، و هو بكل شيء محيط. 
كذلك السلام، هو اسم من اسماء المولى عز و جل. لذلك ، كان من الطبيعي ان يحاول الانسان على الدوام الوصول لكل من العدل والسلام على مدى تاريخ الانسانية و سيظل يجتهد لتحقيقهما إلى قيام الساعة  برغم اختلاف المناهج الفكرية على المحورين،  الزمني والمكاني للبشرية. فالانسان في النهاية بشكل مجرد هو احد ابناء آدم عليه السلام، لكن الفكر السائد في الصين لادارة المجتمع غير الفكر السائد في المانيا، وفكر إدارة المجتمع في العصور الوسطى في اوروبا، يختلف تماما عن فكر الدول الأوروبية حاليا. 
بناءا على ما سبق، علينا إذن عدم التمسك بالفكر الذي توسمنا فيه امكانية تحقيق العدل و السلام و الذي قد نكون طالعناه في كتاب اواكثر من كتب مدارس الفكر المختلفة. فقد يكون مجتمعنا بحاجة لفكر جديد من خارج مناهج تراث الفكر الانساني المتراكم، ليتحقق فيه العدل و السلام.
عندما نستطيع التحرر من الفكر المسيطر علينا ، كمجموعات وطنية،  دون تطلع لأي شكل من أشكال السلطة، سيتبلور فكر جديد ما بيننا ليسود في المجتمع و ينتشر كما تنتشر النار في الهشيم. عند تلك المرحلة سيصبح تشريع القوانين المختلفة نابع بشكل حقيقي من العرف المجتمعي ليتحقق عندئذ للمشرع قوله تعالى " وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ " . و سنجد أنفسنا في تلك المرحلة نبتعد عن الإبتذال التشريعي الذي نواجهه كل يوم حاليا، مثل قانون التظاهر على سبيل المثال. فلا أحد يرفض تنظيم علاقات أفراد المجتمع ببعضهم البعض حتى لا تطغى حرية فرد على حق الآخر، لكن بدون شك لا يمكننا قبول ان ينص قانون على عقاب المتظاهر لو انحرف عن التزاماته المنصوص عليها، بينما يتجاهل النص على عقوبات رجل الشرطة لو أخل هو ايضا بالتزاماته تجاه المتظاهر. اليس هذا عدم توازن وانحراف عن مبدأ المساواة في الثواب و العقاب بين المواطنين؟ 
ايها الرفاق، تحرروا من قيود الفكر التي كبلتم بها انفسكم، لنتحد من جديد و لنعيد قبضة الوطن مضمومة  و مرفوعة بقوة في وجه كل خائن و عميل و مغيب قبل ان تكون مرفوعة في وجه اي عدو خارجي. و لتعلموا ان الحقيقة مثلما وصفها اغسطين،  كالأسود، لا تحتاج من يدافع عنها، و لكن يكفينا اطلاق سراحها،  و هي كفيلة بالدفاع عن نفسها.....نعم أيها السادة، فالحقيقة ليست لها أجندات