الأربعاء، 17 أغسطس 2011

إنتبهوا أيها السادة

عند مشرق الثورة في 25/1/2011 ، و الذي كان القمع الأمني أحد أهم مسبباتها إن لم يكن هو المحرك الأول...
و عندما إنهار الجهاز الشرطي في الدولة في خضم الغضب الشعبي......
نزلت القوات المسلحة المدن الثائرة ، و تعلقت بها آمال البسطاء بمختلف خلفياتهم و إحتياجاتهم ، و كان أحد تلك الآمال العظيمة، الحفاظ على كرامة المواطن مهما فعل عند إستدعائه أو القبض عليه أو إعتقاله من قبل الأمن.
و رسم الكثير من المفكرين و الشخصيات العامة و البسطاء على المقاهي صورة وردية لجهاز أمني جديد ، يهدف إلى تقويم السلوك الإجرامي و الحد من الجريمة عن طريق التوعيه المستمرة للمواطنين و ينحي جانبا الأساليب القمعية التي ظل يعاني منها شعب بأكمله لعقود عديدة، و التي لطالما صنعت من المظلومين مجرمين عتاه .
و أنا شخصيا ، تصورت بشكل فطري أن الشعب مد يده للمجلس العسكري لحل مشكلة الإنفلات الأمني بإفرازه لكيان شعبي مثل اللجان الشعبية و التي كانت و ما زالت تخدم المجتمع و تحمي ثورته بشكل متنامي و مستمر من خلال أدوارها المجتمعية المطورة .
فقد إسترجعت ما قد كان يحكيه لي والدي رحمه الله، عندما كان المواطن السكندري مهدد بإنزال جوي إسرائيلي في المقابر على ضوء ما قد حدث في الستينات في السويس. و كيف تم تسليح الشعب في صورة مقاومة شعبية لصد أي إحتمالات للهجوم، و كيف أن شقيق رئيس الدولة انذاك ، كان يستلقي جانبه في المقابر بسلاحه ، الكتف في الكتف تحسبا لمواجهة أي مخاطر، و كيف كان شباب المقاومة الشعبية يدخلون بيوتهم بسلاحهم الرسمي و لا يستطيعون بلوغ بضع درجات من سلالم العقار قبل أن تكون أبواب الجيران إنفتحت لهم ، لتتصارع كل عائلة على من يستضيفهم على العشاء.
و لكن تلك الصورة الجميلة توارت تماما ، خلف سحب الإهمال الكثيفة و التي ألقاها مجلسنا الموقر على تلك اللجان .
تلك اللجان التي يتمتع أعضاءها جميعا بشجاعة و بسالة غير مسبوقة ، فهم من بادروا بحماية الوطن داخليا و لم يطلب منهم أحد ذلك.
و هم من لا يمتلك أي سلاح فعال أمام أي هجمات محتملة ، و رغم ذلك لم يقصروا و ظلوا في الشوارع و أمام البيوت بصدور عارية.
لقد عاشرتنا في كل شارع مجنزرات و مدرعات القوات المسلحة، و لكن لم تصدر لهم تعليمات بحصر العناصر الفاعلة في اللجان المحيطة بهم لتفعيل دورهم في بناء الجهاز الأمني الجديد من خامة مصرية نادرة .
ألم تسمعوا أيها الجنرالات على ما يطلق عليه "إستغلال الموارد البشرية" و "توظيف الطاقات البشرية"!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟
سبعة أشهر الآن و لم تعالج مناهج الدراسة بأكاديمية مبارك للأمن .
سبعة أشهر الآن و لم يصدر حكم ضد ضابط قتل أو أهان مواطن.
سبعة أشهر الآن و حجة الإنفلات الأمني مازالت تستخدم عند اللزوم.
سبعة أشهر الآن و لا تغيير في عناصر و أفراد الجهاز الأمني الفاسد و المتسبب في الثورة.
و قبل أي محاولة للإصلاح السياسي و الإقتصادي في مصرنا الحبيبة إن لم تنتبهوا ، فقد تجدوا أنفسكم أمام موجة ثورية ثانية أعنف كثيرا من سابقتها، نتيجة إهمال الملف الأمني و إصلاحه.
فمازال القمع الشرطي مستمر و على يد نفس العناصر المريضة نفسيا و التي مازالت تعمل في مناصبها ، بل و في مناصب أعلى ايضا.
أيها السادة ، إن تمسككم بعناصر هذا الجهاز الفاسد لن يؤدي بنا جميعا إلا إلى المزيد من التصعيد و المزيد من الفوضى .
فالعلاقة المستترة بين ضباط الأقسام و بلطجيتها ما زالت قائمة ، فماذا تنتظرون من ضابط يضع يده في يد مجرم؟؟؟؟؟
و ماذا تنتظرون من أب مكلوم على ولد له ، لم يقتص له أحد إلى الآن؟؟؟؟؟؟
أيها السادة ، في ختام هذا الخطاب ، أود أن تعوا جيدا أن أفراد اللجان ، بتنوعهم و تباينهم الثقافي و الإجتماعي كانوا و ما يزالوا تنطبق عليهم مقولة غاندي:
" أفضل طريقة لتجد نفسك ، هي أن تضيعها في خدمة الأخرين"
و تحضرني هنا مقولة أخرى له أود أن نستوعبها جميعا : " حمل السلاح ليس دليلا على القوة"
فهؤلاء الذين يواجهون المخاطر بصدور عارية ، بالتأكيد هو أكثر قوة و شجاعة من كل من يختبيء وراء بندقية أو سيف....

الأربعاء، 10 أغسطس 2011

الثورة المصرية في آيات سورة النساء - سبحان الله

بسم الله الرحمن الرحيم
93. وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا
94. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
95. لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا
96. دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
97. إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا
صدق الله العظيم
 سبحان الله يا إخوتي ، فلقد أحسست في صلاة القيام بمناجاة الله لعباده عندما كان الإمام يرتل هذه الآيات المتتاليت من سورة النساء و التي تقص ببساطة متناهية و رائعة قصة الثورة المصرية و المواقف المختلفة فيها و تصنف البشر بالفعل كما نجدهم.
ففي البداية في الآية 93 نجد حكم الله السريع و العاجل على القتل العمد و الذي رأيناه جميعا من أول يوم في الثورة ، و يتلخص في أن حساب هؤلاء القتلة سواء بالتنفيذ أو التحريض قد حسمه الله في تلك الآية، فعلى من يؤجل محاكماتهم في الدنيا أن يؤجلها في الأخرة إن إستطاع.
ثم نجد الآية 94 تحذرنا جميعا و لاسيما من يتحدث منا بإسم الدين من تخوين بعضنا البعض و الذي يصل في أحيان كثيرة لحد التكفير الصريح و الذي تعرضت له أنا شخصيا، كما توضح الآية الكريمة أن الذين يتبعون هذا المنهج لهم أغراض دنيوية تبعد كل البعد عن عمل الأخرة .
ثم نجد الآية 95 تحدثنا بصورة مباشرة عن حزب الكنبة العريضة ، و لاسيما الفئة التي تناصر الثورة منه و لكن بقلبها فقط، فتلك الفئة لها أجرها ، و لكن من يبذل ماله و نفسه في سبيل الله له أجر أعظم. أما فئة الكنبة التي تحارب الإصلاح و تحارب محاربي الفساد ، فلم تتعرض لهم الآيات الكريمة أصلا، فهم لا يستحقوا الذكر.
و ماذا يحدث يا إخواني لو إنتصرت الثورة المضادة ، هل نتناحر و نقتل بعضنا البعض؟ فتنتشر الفتن و الفوضى؟ لا و الله ، فالأمر القرآني واضح ، فلو إختار الشعب بأغلبية ديمقراطية طريقة حكم لا تتوافق مع فكري، فلا أملك في تلك الحالة إلا البحث عن بقعة أخرى من بقاع أرض الله الواسعة تتوافق مع منهجي في الحياة ، دون أي محاولة للإلتفاف على الإرادة الشعبية.

و تتعاقب آيات السورة الحكيمة لتوضح لنا المعجزة القرآنية كاملة، فكلام الله لا تنقضي عجائبه و لا يصح أن نختزل كتاب معجز إعجاز مستمر إلى يوم الدين في دستور دولة قابل للتغيير في أي وقت ، أيا كانت آلية تغييره التي يرضاها الشعب.،  إنما التصرف السليم هو أن نضع موادنا الدستورية مستوحاة من القرأن الكريم لتنظم أمور حياتنا دون تعارض مع الشرع ، أي أن الدستور الإسلامي هو دستور وضعي لا يخالف القرآن الكريم و لكن لا يصح أن نتشدق بأن القرآن هو دستورنا ، فهذا إختزال لكلام الله ، فالقرآن لا ينبغي أن يسمى إلا كلام الله و كلام الله فقط و لا نزيد.
105. إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا
و دليل ذلك أنه سبحانه و تعالى في الآية 105 من نفس السورة يطالبنا بأن نرى ما يحتويه القرآن من أحكام تناسب حياتنا لنحكم بها دولتنا و ليس القرآن نفسه ، فلا أحد في الأرض و لا في لسماء يعلم التفسير الكامل و المحدد لكل نص قرآني إلا الله سبحانه و تعالى.
أعتذر للإطالة و أتمنى أن يوفقنا الله جميعا لما فيه رفعة شأن أمتنا الحبيبة
و السلام عليكم و رحمة الله
سعيد عز الدين