الخميس، 9 مايو 2013

التحول من الدعوة للإسلام للدعوة للإلحاد

كلما تأملت فيما يحدث في وطني ، بلغ مني الحزن مداه ،و لا أعني هنا مصر فقط، فقد تجاوزت كل الحدود التي صنعها البشر منذ فترة ليست بقليلة، فمفهوم الوطن لدي هو الأرض كما يريدها الله على ايدي من كلفهم بالخلافة.
فبرغم فضل الله على البشر و تكريمه لهم بنعمة  "الخلافة في الأرض" ، أجد الكثير ممن يجهلون معنى هذا التكليف الرباني. و دعونا تستعين بكلام الأستاذ عمرو خالد عندما وصف الخلافة كما يلي:
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) سورة البقرة آية 30."يقول الله تبارك وتعالى للملائكة : يا ملائكة أنا سأقوم بخلق كائن جديد، تخيل هذا اليوم والله تبارك وتعالي يقول للملائكة أنه سيقوم بخلق كائن جديد بمواصفات جديدة تؤهله ليكون نائب عنه في إدارة الأرض لكي يديرها كما يريد اللههل أدركت الآن لماذا أنت هنا؟ هل عرفت الآن لماذا خلق آدم ؟ لذلك نفخ الله في ادم من روحه، ولذلك أسجد الله الملائكة لأدم، لأن الإنسان سيقود، هو الخليفة، ولذلك أيضا رفض إبليس السجود ، لأنه كان يريد أن  يكون هو الخليفة، فأعتبر أنها أخذت منهأمور كثيرة ستتضح أمامك وستبدأ في فهم أمور جديدةإذا هناك مستخلِف، وهو الله تبارك وتعالى، ومستَخلَف، وهو آدم، نحن، والمستَخلَف ليس المسلمون فقط وإنما كل البشر، وهناك أيضا مستخلَف فيه وهي الأرض"
 لا يزعجني ابدا ان يكون من ضمن هؤلاء شباب صغير السن ، مندفع في الدنيا كالسهم المارق، قد تغير مساره رياح الغرائز و الشهوات بين الحين و الآخر. و لا يزعجني من لا يؤمن أصلا بوجود الله و من ينكر نزول الوحي و رسالات الرسل، بل ادعو لهم جميعا بالهداية.
و لكن المؤلم، هو ان تجد من قرر ترك صلاة الجماعة في المساجد  بعد ان كان محافظا عليها بسبب كلام الإمام واصراره على التحييز لفصيل و اتهام كل الآخرين بالبعد عن الحق و بالضلال!! من المخزي أن تجد المشاجرات و المشاحنات اثناء أو بعد خطبة الجمعة في الكثير من بيوت الله الآن!!!
المؤلم ان تجد من يجاهد و لكن ليس ابدا لتكون كلمة الله هي العليا، و لكن لتكون كلمة شيخه أو مرشده هي العليا، حتى لو تباينت المواقف و الكلمات في القضايا المختلفة تباينا بينا للعيان، لا يخفى على أحد، فهم يبررون و يبررون و يبررون في كل مرة، بكل عزيمة و تفاني، فتجدهم يهتفون مثلا ضد شخص و يطالبون بمحاكمته، ثم يهنئونه و أنفسهم بالمنصب الوزاري الجديد الذي يستحقه عن جدارة!!! أي تناقد هذا؟؟؟ هل هذه هي أسس الخلافة ؟ يا سادة يا من تغنيتم بأغنية " انهم يريدون فصل الدين عن الدولة"، بل و كفرتم كل من نادى بعدم الزج بدين الله في عملية تجارية رخيصة تسمى السياسة، من منطلق اتساع مفهوم العقيدة و عدم حصرها في آليات للوصول للسلطة فقط ، ثم تجاهلها في اسلوب ادارة شئون البشر في تلك البقعة من الأرض، و التي هي في الأساس ملك للخالق سبحانه و تعالى وحده، و كلنا فيها كمثل من استأجر دارا ليعيش فيها فقط، لا فرق في ذلك بين حاكم و محكوم. فتجد النفس في وطنهم المنشود، و هو بالطبع ليس وطني حتى الآن، رخيصة...قابلة للقتل و الفتك بها في الطرقات بحجج كثيرة، و تجد الخنوع و الخسة مع كل مستغل كان يعقد صفقات الإفقار و نهب الموارد مع من حكموا قبلهم في مقابل مساندته و دعمه في تحقيق اطماعه الشخصية و الحزبية، فلا مانع من المزيد من الإقتراض، و لا مانع من تجاهل أهداف ثورة شعب بأكمله حتى تتحقق الأهداف السلطوية لجماعتنا أو حزبنا و لا مانع من تعيين من ليس أهلا في أي منصب طالما يدين لجماعتنا بالولاء و الطاعة
. فأين مراعة التخصص ؟ اتستعينون بأهل الثقة أم أهل العلم؟.. أليس للسياسة أهلها و للدعوة أهلها؟ ألم يدعو الله عالمنا الجليل الشعراوي بأن يصل الدين إلى أهل السياسة و لا يصل أهل الدين إلى السياسة...ثم ماذا لو فشلتم في ادارة الدولة في ظل "مشروعكم الإسلامي " المزعوم؟؟؟ أيعتبر هذا فشل للإسلام؟ ألم تفكروا في هذا؟؟؟لا يا سادة ، تذكروا كلمات ابن تيمية(ان الله يقيم الدولة العادلة وان كانت كافرة ويهدم الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة) .تذكروا قول الإمام الغزالي رحمه الله: (ان التدين المظهري وتسيس الدين اخطر على العقيدة من الالحاد).و كفوا عن تصنيف خلق الله فهو أعلم بهم و بما في قلوبهم من إيمان أو كفر، فالإيمان كما تعلمنا هو ما وقر في القلب و صدقه العمل، و لا أجد في قلوبكم إلا غلا و كرها، و لا أجد في أعمالكم و أقوالكم إلا تدليسا و كذبا و جورا وظلما لكل من يواجهكم بحقيقة صنيعكم هذا و الذي في نهاية المطاف سيحول  نشاط جماعاتكم "الدعوية"  من الدعوة إلى الإسلام إلى الدعوة إلى الإلحاد ، فكل ما تفعلونه أصبح منفرا، و عندما يرى البسطاء من الناس عباءة الدين المظهرية تحيط بكل ما تفعلونه بينما يخفي باطن ما تفعلون البعد كل البعد عن أسس خلافة الله في أرضه، سينفر هؤلاء من دين الله من واقع فهمهم انكم تمثلونه !!! لقد عشنا عقودا مع من احتكروا صناعات عدة مثل الحديد و الصلب  و غيرها و مع من  احتكروا أنشطة تجارية و توكيلات و مع من احتكروا أراضينا ليقيموا عليها مشاريعهم الإستثمارية، و لكنكم تفوقتم على كل هؤلاء حينما احتكرتم ديننا و اغتصبت الخلافة من من وكلهم الله بها، فهل انتم منتهون؟؟؟
"اللهم ارنا الحق حقا و ارزقنا اتباعه و ارنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه"