الأحد، 9 مارس 2014

جابلنا فرج

بعد نضال مستمر في الشهر العقاري فرع محرم بك بالإسكندرية، دام لما يزيد عن أسبوع، نجحنا و الحمد لله أنا و زوجتي العزيزة في انتزاع حقنا في إثبات تاريخ عقد إيجار!!!
بدأت قصة كفاحنا في الأول من شهر مارس عام 2014، عندما صمدنا في طابور إثبات التاريخ لما يقرب من ثلاث ساعات متواصلة ، على أمل حضور الموظفة المسئولة.....لكن هيهات، فقد خرج علينا كبير الموظفين يومها ببساطة ليخبرنا أنها قاربت على سن التقاعد و تستهلك ما تبقى لها من رصيد إجازات... و لا بديل عنها!!
و تشاجر بعدها بعض المواطنون مع مدير المكتب الذي لم يوفر بديلا، و طلب منا التوجه للمكتب الرئيسي بالمنشية للشكوى إن أردنا ذلك....
و لا استطيع تجاهل كلمات الحاج عادل – كبير الموظفين- يومها و هو يصيح في وجهي عند سؤالي عن بديل لتلك الموظفة:
 " امال احنا كنا عاملين اضراب ليه يا أستاذ؟؟؟ مش علشان الفلوس، علشان معندناش موظفين....فالحين بس يمسكوا الميكروفونات و يقولوا حرية و ديمقراطية و ثورة معر(ض)ة.....أنا ليه أعمل خمسين حاجة في اليوم، و أنا متعود أعمل عشر حاجات بس، و بعدين انت كمان حتمشي أسرع !!!"
و هكذا ، انصرفنا في هذا التاريخ، دون إثبات التاريخ!!!
طوال الأسبوع التالي، ظل شباك إثبات التاريخ خالي، و وحيد، كأنه يودع تلك الموظفة العظيمة التي لم تفارقه لسنوات طويلة، إلا في الأعياد أو الإجازات أو للإنتقال لزميلة أخرى لتذوق ما أعدته من سندوتشات لذيذة أو لمشاركتها في حديث ودي مع الشاي.... أو طبعا للذهاب للحمام.
عند عودتنا في يوم السبت الموافق 8 مارس 2014، كانت دهشتنا عظيمة، فالموظفة لم تحضر كالعادة، و المدير ايضا لم يحضر، و ظل المواطنون خارج مكتب الشهر العقاري لما بعد التاسعة صباحا، لكنهم حرصوا و بوعي جمعي على إعداد قوائم بأسماء طالبي الخدمات المختلفة من مكتب الشهر العقاري، بشكل حضاري و منظم، لتقديمها لموظف الشباك مع بداية العمل في المكتب.
دخلنا أخيرا، و ذهب كل منا للشباك الذي يأمل أن يحصل على الخدمة من خلاله، في شوق و لهفة، و خاصة من يرغبون في خدمة إثبات التاريخ....و كالعادة لم نجد الموظفة و طال انتظارنا لها، ليبدأ الحاج عادل في التحجج بنفس الحجج...كما حرص على اخبارنا أنه لن يعمل اليوم بعد أن جاء مجبرا من إجازته!! و كأننا سبب كل الكوارث في المكتب.
حاولت مناقشته بالمنطق، موضحا أن مكاتب الشهر العقاري بها تكدس منذ فترة طويلة و فرصة خروج بعض الموظفين على المعاش، ستتيح للباقي زيادات في المرتبات على أن يقوموا بعمل أكثر قليلا.....لكنه رفض كالعادة الفكرة، و تمسك بما وجد عليه الآباء و الأجداد من عمل، دون أدنى رغبة في تغيير أسلوب عمله و طبيعته، لتحسين وضعه.
و عندما فاض بي الكيل، صحت في الجميع لدعوتهم للذهاب معي لقسم شرطة محرم بك، لعمل محاضر بامتناع الموظفين عن العمل، و استجاب البعض، و ذهبنا للقسم بالفعل....
و هناك وجدنا المأمور، جالسا خارج القسم  يقرأ الجريدة، تحت الشمس الظريفة و خلف أجولة الرمال المحيطة بالمبنى، و التي كونت فناء خارجي صحي و هاديء، خاصة أن السيارات ممنوعة من المرور أمام القسم.
توجهت إليه فورا بالحديث، موضحا أننا أتينا للإبلاغ عن إضراب جزئي في مكتب شهر عقاري محرم بك.
أمسك بهاتفه المحمول، و طلب الأستاذ فرج، مدير المكتب شخصيا، و الذي إعتذر له عن عدم وجوده بالمكتب موضحا أن الأستاذ ممدوح ينوب عنه، و نفى امتناع الموظفين عن العمل. فطلب منه المأمور إبلاغ الأستاذ ممدوح بأن هناك من سيأتون إليه مجددا، ليتم لهم ما يريدون من خدمات....
إنتهت المكالمة، و طلبت من المأمور إثبات واقعة الإضراب الجزئي، لكنه امتنع و رفض ما نقوله....فقد اتى لنا بفرج على الهاتف، و الذي نفى ذلك تماما، و لم يكتفي بذلك بل صاح في وجهي قائلا:" مش كفاية بتكلم على حسابي علشان اخلص الموضوع؟؟؟ و بعدين إثبات حالة ايه؟؟ عايز تعمل محضر اتفضل !!!"
و بناءا على طلب من كانوا معي من جمهور المواطنين، عدنا لمكتب الشهر العقاري للسؤال عن أستاذ ممدوح....لكنه أنكر نفسه !! و زعم أن "أستاذ ممدوح إجازة!"....لكن المفاجأة اننا وجدنا أستاذ عادل يعمل بهمة و نشاط، و وجدنا موظفة إثبات التاريخ خلف شباكها العزيز، تعمل و هي تتمتم بعبارات ساخطة و غير مفهومة...ووجدنا وجوه المواطنين العابسة تحولت للإبتسام و هم يتغامزون فيما بينهم:
" هما كده، لازم يشتغلوا بالكرباج!!!"
و برغم سعادتي بالورقة المختومة و التي حصلنا عليها في النهاية بعد كفاح لما يزيد عن أسبوع، إلا إني حزنت جدا لما يحدث في مجتمعنا، فكرباج المجتمعات المحترمة هو القانون و القانون فقط، و ليس أبدا تليفون المأمور لفرج لكي يتحايل على إثبات فساد مؤسسي نظرا للعلاقة الشخصية بينهما...
بقلم: سعيد عز الدين   في 9/3/2014
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق