الخميس، 30 أكتوبر 2014

لا تفكروا بعواطفكم

وفقا لمنهج التفكير النقدي، المنطقية العاطفية هي في الأساس مغالطة منطقية تعرف باسم نداء العاطفة. تحدث تلك الحالة عندما يقيم المستمع الحجة بصحة تصرف أو قول ما بسبب إنفعاله معه بدلا من التفكير الجيد و الموضوعي و البحث عن أدلة و حجج منطقية لتبريره. في الواقع غالبا ما يترك المستمع في تلك الحالة المنطق والأدلة تماما و يعتمد فقط على العواطف لتصبح تلك العواطف "دليلا" على الحقيقة!!
و لأننا كبشر ، مخلوقات عاطفية للغاية،لأن لدينا الكثير من العواطف، والعديد من الطرق المختلفة للشعور، هناك العديد من الطرق التي قد نستدعي فيها المنطقية العاطفية، دعونا نستعرض بعضها:
مناشدة الخوف:
 قد يلجأ أي سياسي متشدد ،قد يروق له تخويف الجماهير من العدو، كائنا من كان، لحملهم على تقبل و تأييد العمل العسكري. و لكن كون الناس يخشون شيئا لا يعني أنه يشكل بالفعل تهديدا قائما لهم..
مناشدة الاشمئزاز:
 قد يركز شخص عنصري على الممارسات الثقافية المختلفة التي قد يجدها جمهوره مثيرة للاشمئزاز لتبرير موقفه المتعصب. فقط لأن و لكن حتى لو إعتبر بعض الناس  تصرف ما  مثيرا للاشمئزاز بالنسبة لهم، فهذا لا يعني أنه من الضروري منع هذا التصرف أو إعتباره تصرف غير سليم..
مناشدة الشفقة:
عندما يوشك شخص على فقدان وظيفته بسبب سوء السلوك المزمن قد يستخدم في حواره مع صاحب العمل السابق وضع أطفاله الثلاثة و إحتمال تشردهم لو تم فصله، في محاولة للحفاظ على وظيفته. و لكن إستخدامه للشفقة كورقة ضغط ، لا يعني استحقاقه للحفاظ على وظيفته.
مناشدة الإطراء:
قد يقضي ابنك بعض الوقت في ذكر محاسنك و كيف كنت شجاعا في هذا الموقف أو غيره، و قد تتغزل ابنتك في جمال والدتها، و لكن قد يتضح أن كلام أولادكم المعسول مجرد تمهيد لطلب ما ، مثل طلب محمول جديد أو  جهاز تلفزيون حديث. تماما مثلما يجامل مرؤوس ما رئيسه قبل طرح فكرة ما عليه ؛ و لكن لمجرد أن الطفل والمرؤوس يتصرف بشكل لطيف ، فإن هذا لا يعني  صحة مواقفهم أو ضرورة طلباتهم.
مناشدة التمني:
 إستخدام العنف فقط كوسيلة لحفظ النظام في مكان ما، مثل الجامعة مثلا ، على أمل أن الدولة تريد الحفاظ على الطلبة و حقهم في الحصول على حقهم في التعليم دون التعرض لتعطيل الدراسة من قبل بعض المضللين فكريا أو المغيبين، لا يعني بالضرورة أن تلك الدولة ستتوقف عن استخدام العنف في الجامعات حتى إذا انتظمت الدراسة و انتهت الفوضى..
مناشدة السعادة في المستقبل:
قد يروج إعلام الدولة لمشاريع قومية على إعتبار أنها ستجعل الشعب أكثر سعادة في المستقبل، وبالتالي فان تمويل تلك المشروعات يصبح دافعه الأساسي بالنسبة لأي مواطن إنه سيصبح أكثر سعادة و سيفوز بإستثمار أكبر مما سيحصل عليه لو أودع مدخراته في أي بنك. فالوعد بالسعادة و الرخاء يصبح بالكاد الاعتبار الوحيد لتقييم مثل تلك المشاركة لاسيما في غياب الأسباب 
الموضوعية لها مثل التهديدات الإرهابية أو العجز في توفير الطاقة اللازمة للإستثمار و المشاريع الجديدة
.
خلاصة القول، إننا قد نقع في فخ حالات المنطقية العاطفية كثيرا، و نلغي تفكيرنا المنطقي تماما، و نبني الإستنتاجات بناءا على ما نشعر به ، بل و قد نخرج من حيز الشعور الداخلي لإفتراض مشار سلبية من الآخرين تجاهنا. فعندما يشعر شخص ما بالوحدة مثلا، قد يرجع ذلك الإحساس لنفور الجميع منه ، فهم لا يحبونه.....فهل هذا حقيقي أم لا؟؟
بالطبع لا، فقد يكون هو الذي يفتقر لمهارات التواصل و لا يجيد الإنخراط في مجتمعه المحيط و تفهم قواعده.
إذا استطعنا تجاوز فخ المنطقية العاطفية و احسننا التفكير في المستقبل و كيفية التعامل مع الواقع بشكل أكثر موضوعية و عقلانية ، حتما سنصل لما كان كل من ضحى من أجل هذا الوطن يحلم به. 

بقلم : سعيد عز الدين في 30/10/2014