الاثنين، 30 سبتمبر 2013

طبع الإستغلال، لمواطن يبحث عن الإستقلال

طالما تغلب على تعاملاتنا اليومية محاولات اسغلال بعضنا البعض... فلا اريد ان يحدثني احد عن التضامن و استقلال الإرادة الوطنية و غيرها من الشعارات البراقة.
صباح اليوم، في طريقي المعتاد لعملي بمنطقة الطابية، صادفني تكدس مروري غير طبيعي. و عند مزلقان المعمورةـ وجدت بعض الشباب من المتطوعين، يحولون مسار السيارات المتجهة من المعمورة في اتجاه ابي قير و الطابية ، للسير بمحازاة السكة الحديد من الناحية البحرية في الطريق الموازي لسور المعمورة.
كان من المفترض ان يؤدي بنا هذا الطريق بشكل مباشر إلى مزلقان ابي قير، ثم نتجاوزه من جديد لنتجه لمنطقة الطابية و ذلك بهدف تخفيف العبء عن الطريق الرئيسي و على بعضنا البعض كمواطنين نبحث عن استقلال الإرادة و الكرامة الوطنية.
و لكننا تم تحويل مسارنا بالإجبار مرة اخرى، نتيجة اعمال الصرف الصحي لشركة المقاولين العرب للدخول من البوابة الأخيرة لمنطقة المعمورة، و التي من خلال احد المدقات الزراعية المتفرعة منها سنستطيع الوصول لغايتنا المرحلية... "مزلقان ابو قير" ...... كل هذا الإلتفاف و كل هذه المعاناة كانت تصحبها الإبتسامات المتبادلة بين السائقين بعضهم و بعض، و التي تحمل مشاعر المواساة و الشد على الأيدي و التضامن في الأزمات.و تبددت كل هذه المشاعر عندي، عندما وقع بصري على مشهد عجيب.... فقد وجدت موظفي الأمن على البوابة يسارعون باحضار دفاتر التذاكر و يقطعون التذاكر للمشاريع و سيارات الأجرة قبل الملاكي!!! و كأننا جميعا جئنا لنقضي يوما جميلا و هادئا على الشاطيء، بدلا من التدافع للحاق بأعمالنا و كلياتنا و مدارسنا....
و عندما وصلت بمقدمة سيارتي للموظف المختص، قلت له بهدوء.... أنا لا اريد الدخول للشاطيء أو للمعمورة بصفة عامة و لكنني مجرد اريد العبور للحاق بعملي...فلا داعي لدفع ثمن تذكرة...و خاصة ان مدخل الطريق الفرعي و بوابة الخروج الأخرى لا يبعد عن تلك البوابة إلا عشرات الأمتار...فستراني و أنا اغادر، قبل ان تعد ثمن التذكرة!
فما وجدت منه إلا تعنت عجيب...فصرخ: يا علي ، اقفل!!
و عندها ابتسمت في هدوء وقلت له، و أنا لن ادفع ثمن تذكرة لأذهب لعملي...
فاشتد غضبه ، و ذهب عني، و جاء برئيسه... السيد مدير أمن المعمورة، و الذي لم يكن بعيدا عما يحدث...
"خير يا أستاذ؟" ...
"أنا رايح شغلي، مش داخل اصيف و السكة مقفولة، و كلنا اجبرنا نمشي من هنا...و قطع التذاكر بالشكل العجيب ده استغلال لمعاناة الناس، بدل ما تساعدوهم على حل المشكلة"
" بس حضرتك داخل المعمورة، فلازم تقطع تذكرة"
"للأسف مش حقطع تذكرة، و ممكن حضرتك تجيبلي مدير الأمن أو المحافظ شخصيا اكلمه... و في الأخر مش حدفع برضه..."
" يعني حضرتك مش عايز تروح شغلك؟"
" لا طبعا عايز، بس حضرتك و رجالتك قاطعين الطريق و بتاخدوا اتاوة من الناس!"
" اتاوة!!! خلاص يا بيه عدي ، بس المرة الجاية تدفع....افتح يا علي للبيه"
..............لم اشعر بالنصر، لمروري بهذه الطريقة، ولكنني شعرت بالضيق اكثر عندما وجدت انني الوحيد الذي فعل ذلك بينما انهمك الكل في تجهيز ثمن التذاكر لدفعها للموظف.....و حينها تذكرت كلمات صديقي الذي لم اره، ستيفن بيكو، ذلك الشاب الجنوب افريقي الجميل الذي حمل لواء النضال و مانديلا في السجون، ثم قتلته الشرطة لخوفهم من فكره....لقد قالها بيكو: "اقوى سلاح يمتلكه الظالم، هو عقل المظلوم"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق